الصراط المستقيم

إقامة الدين لا إقامة المولد

كتب/هاني حسبو.

يتجدد النقاش والجدال كل عام في مثل هذا الوقت من العام حول مشروعية أو بدعية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.تلك القضية التي تنال قسطا وافرا من الخصومة بين الأقران.

لكن بشير الابراهيمي رحمه الله تعالى فهم القضية من جذورها ووجد العلاج المناسب لها فقال رحمه الله:

“إن محمدا صلى الله عليه وسلم يريد منكم إقامة الدين لا إقامة المولد”

صدقت يا رجل هذه الكلمة تكاد تكون تخرج من مشكاة النبوة وهي موجهة لكلا الفريقين المؤيد للاحتفال والممانع له.

نعم إقامة الدين في شعور ووجدان وكل كيان المسلم هى الغاية هي المطلب الأساسي والهدف الأسمى.

فوظيفة إقامة الدين هي إحدى مهام الرسالة كما قال تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [الصف 9] ومعنى الآية: «إن الله تعالى أرسل محمداً عليه الصلاة والسلام بالهدى الذي هو القرآن، وبدين الحق الذي هو الإسلام، ليظهر الله الدين الذي جاء به الرسول، أو ليظهر الرسول”

بل إن الله سبحانه نادى أهل الكتاب أن يقيموا التوراة والإنجيل والا فهم ليسوا على شئ وليس لهم وزن ولا قيمة فمابالنا ونحن خير أمة أخرجت للناس:

 يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) [المائدة 68].

ثم يأتي الدور علينا وتخاطب بهذا التكليف الشرعي:

شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ) [الشورى 13].

فـ «إقامة الدين» ومن ثم: إقامة الشريعة؛ مصطلح قرآني لا يحل محله غيره كـ (التطبيق) أو (التنفيذ)، وهو أشمل أيضاً من (التحكيم)، فقد يكون التطبيق جزئياً فلا يسمى إقامة، وقد يحصل بعض التنفيذ دون تحكيم اعتقادي، وقد يحصل التحاكم الاعتقادي للشريعة دون إقامتها في الواقع. وقد تكرر في القرآن الأمر بإقامة الدين المستلزم لإقامة الشريعة، قال ابن العربي في تفسير {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} «أي اجعلوه قائماً، يعني دائماً مستمراً، محفوظاً مستقراً، من غير خلاف فيه واضطراب عليه»، وهو يشمل – كما قال – «الأصول التي لا تختلف فيها الشريعة، وهي التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج والتقرب إلى الله بصالح الأعمال، والتزلف إليه بما يردُّ القلب والجارحة إليه والصدق والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة وصلة الرحم وتحريم الكفر والقتل والزنا والإذاية للخلق، والاعتداء على الحيوان، واقتحام الدناءات وما يعود بخرم المروءات».منقول من مقال أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه شريعتنا هي كل ديننا مجلة البيان اغسطس 2012.

والمسلم معني بتطبيق الدين في واقع الحياة، ومن أقام الدين في نفسه فهو معين على إقامة الإسلام في الأرض، فإذا أقامه كل واحد قام الدين، والشريعة فيها واجبات عينية، وواجبات كفائية، فالواجبات العينية لا بد على كل إنسان أن يقيمها كالصلاة مثلاً، والواجبات الكفائية لا بد أن تقوم بها الأمة بأجمعها بحيث إذا أخلت به أثم جميع أفرادها”خطبة مفرغة للشيخ محمد صالح المنجد بعنوان حفظ الدين على موقعه على الشبكة العنكبوتية.

ومن أعظم صور إقامة الدين الاستقامة على شرع الله ذلك الخلق الذي له ما له من الثمرات العظيمة العائدة على الشخص المستقيم.

يقول الله تعالى:

 

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ  نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ  نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 – 32].

لذا من يريد الاحتفال به صلى الله عليه وسلم فليقم دين الله في نفسه قبل أن يحتفل بذكرى المولد.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.