اقتصادشئون عربيةمصر

رئيس التحرير يكتب : شرخ بين الشعب والحكومة

 

رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل
رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل

ظهر إرتفاع رصيد رأس المال الاجتماعي لدى المصريين في أعقاب نكسة يونية 1967 بالإجماع الشعبى على رفض الهزيمة ، وبالاصرار على خوض معركة تحرير الارض مما شجع القيادة على التحدى والاعداد بجدية للحرب ، بينما كان العدو الاسرائيلي على الجانب الاخر ينتظر مكالمة الاستسلام من الرئيس عبد الناصر .
وتلاحم الشعب بصدق مع قادته والتزم الجميع بشعار ” لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ” . ولم يشعر المواطنين وقتها بأن هناك أقلية من السادة وأغلبية من العبيد على حد تصنيف مزعوم لوزير عدل سابق صاحب العبارة المشئومه ” نحن أسياد وغيرنا عبيد ” . ولم يكن هناك أصحاب مقام رفيع ومقام وضيع على حد تصنيف رئيس مجلس النواب الحالي عندما عنف أحد النواب لاعتراضه على احد مشاريع القوانين قائلا له :” اختر كلماتك عند تحدثك عن أصحاب المقام الرفيع” .
لذلك لم يتأخر النصر ، فبعد 6 سنوات و 4 أشهر بالضبط وقعت ملحمة النصر في العاشر من رمضان الموافق 6 اكتوبر 1973 وتذوق اسرائيليين مرارة الهزيمة للمرة للأولى منذ اغتصابهم فلسطين عام 1948.وأجمع كل خبراء العالم أن المفاجأة كانت في أداء الانسان المصري سواء على جبهات القتال أو في الجبهة الداخلية. حيث لم تسجل محاضر الشرطة على مستوى مصر أثناء الحرب سوى الجرائم التي تسميها أجهزة الأمن الجرائم العارضة. ووفقا لملفات الأمن العام، فإن كل مؤشرات الجريمة تراجعت بلا استثناء ‏، حتى كادت تخلو من الجرائم الجنائية.‏
فأين هرب رأس المال الاجتماعي لدى المصريين ؟!. الى حد ترك المصاب ينزف بعد أن صدمته سيارة مجنونه هاربة دون أي محاولة لإسعافة . والى حد ان يكتفى شباب مفتول العضلات بالتفرج على بعض المخنسين وهم يتحرشون بالفتيات والسيدات في الشارع العام ، والى حد سرقة مواطن بالاكراه في وضح النهار دون ان يغيثه أحد . أين ذهبت روح التآلف والتكافل بين أفراد المجتمع ؟. فهناك من لم يجد قوت يومه بينما آخر ينفق الملايين على زواج إبنه ، وهناك من يحشرون كالسردين داخل القطارات ووسائل المواصلات بينما يتسكع اقلية في شوارع المدينة باحدث الموديلات من السيارات.
حاولت ان اشارك القراء الأعزاء بالبحث عن أسباب غياب رأس مالنا الإجتماعي وعن كيفية استرداده، وجائتني مشاركات كثيرة يصعب الاشارة إليها جميعا ، مما يضطرني لذكر بعضها ودمج البعض الاخر. ففيما يتعلق بالأسباب يقول أحدهم :” للاسف فقدنا رأسمالنا الاجتماعى بعد حرب 73 وبفعل فاعل عمدا واصرارا .. العدو الخارجى بمعاونة خونة الداخل يهدف لهدم مصر كلها ليس الجندي والموظف والعامل والفلاح فقط بل والطالب والرياضى والفنان وكان الاساس هدم الخلية الاولى للوطنية والاخلاقية والاجتماعية من خلال هدم الاسرة المصرية بل والطفل المصرى وقتل كل جميل فينا.. ارجع لعام 1974 بداية الهدم عندما صدرت قوانين الانفتاح الاقتصادي “.
ويتساءل قارئ :” أين دور الدولة في تغير المناخ الفكري والسياسي للشعب وأين هي التنمية البشرية الحقيقية للفرد وهل من الممكن أن تجد أي تطوير بدون إرادة حقيقية من الدولة “. ويتفق معه أخر ولكن بشكل اكبر حدة قائلا :” مركزية الحكم والإدارة لها دور كبير فيما وصلنا اليه وعدم إشراك الشعب فيما يتخذ من قرارات من خلال التزوير الممنهج عيني عينك كل ذلك أصاب الناس بالامبالاه وبأنهم ضيوف في بلادهم”.
وطرح الدكتور محمود أبو دنيا الخبير بالمركز القومي للبحوث خطة للإصلاح تتمثل في ثلاث نقاط ، أولا تفعيل القوانين في كل مجالات العمل وخصوصا العمل الحكومي من حيث تطبيق الثواب والعقاب.وثانيا يبدأ كل واحد فينا بنفسه ونصحي الضمائر النائمة من خلال منابر المساجد والكنائس والمدارس ووسائل الاعلام. وفي حالة فشل النقطتين السابقتين لا مفر من اللجوء للحل الثالث وهو أن نبدأ من الصفر بناء جيل جديد من خلال المدرسة بدء من أولى ابتدائي وحتى الجامعة وبالتالي بعد 16 سنة سيكون لدينا جيلا عنده قيم ومبادئ واخلاق وضمير….وممكن نعقد عليه الأمل في إصلاح الحال.
وفي الختام أؤكد أن وقائع التاريخ تثبت أن رأس المال الاجتماعي لدى المصريين ينمو عندما تقترب القيادة من الشعب ، وتكون صادقة في تحقيق الحد الادنى من مستوى المعيشة المعقول، وفي هذه الحالة تحقق مصر انتصارات كبرى. وأرى أن الاجراءات التي تتخذها الحكومة حاليا تزيد في مساحة الشرخ بينها وبين الشعب الذي لم يعد لديه قدرة على التحمل . واذا لم تتراجع الحكومة عن عنادها فان الاوضاع ستزداد تفاقما ، والوطن سيكون أكثر عرضة للخطر

 . بقلم : مدبولي عتمان Aboalaa_n@yahoo.com

.
بقلم : مدبولي عتمان
Aboalaa_n@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.