أراء وقراءاتالعالمالمجتمع

شركتنا …… سكة سفر .. بقلم : الدكتور حسين ربيع

صورة تعبيرية من النت

سارعت جدتى الرقيقة برفع “الكنكة” وقد قاربت القهوة على الفوران من لهيب “السبرتاية” حتى هدأ الغليان قليلا … ثم كررت  الاقتراب والابعاد من طرف اللهب وهى تراقب باحترافيتها المعهودة  الخطوات النهائية من صناعة قهوة العصارى على الصينية النحاسية الخاصة بها….. وتأملت عقدها الذهبى فى رقبتها المكتنزة وقد تدلى حولها عقدها الذهبى الرقيق  تروى عطشها من “القلة” الفخارية والماء يتدلى فى ثغرها  بمهارة مميزة دون ان تمس بشفتها رقبة “القلة”…. ثم تمسح بعدها قطرات قليلة تسريت وسالت على رقبتها ….     لتدلق القهوة فى فنجانها الأثرى الثمين ماركة ” روميو وجوليت” مصحوبة با بتسامة الرضا عن “وش” القهوة الطافى برائحة البن”المحوج” كما تصفه…..

داعبت هذه اللقطة ذاكرتى ونضحت اساريرى بابتسامة خفيفة…. وقد غاصت فى اعماقى كآبة اعلان خروج أحد مصانع شركتنا القابضة عن منظومة التعاون ….. وتذكرت زمايلى ممن يديرون دولاب العمل بها  وقد لاحت منذ زمن قريب  بوادر تنازع خفى  تنامى وخرج فى العلن !!! تعجبت بشدة وتمزقت مشاعرى بين وجهة نظرهم العادلة وتعنت الإدارة الكبرى معهم  وقرارهم الجرىء بالابتعاد ….

طالما جمعتنا رؤية واحدة ونجاحات متتالية !!

كم هو مؤلم ان تفقد عضوا غاليا من جسدك او قطعة عزيزة من تراب وطنك !!!

نعم …. وطنك

وطنك المحصور فى داخلك والمحجوز فى عجزك

وطنك المتألق فى خيالك والمختفى من مآلك

وطنك الواسع فى ذاكرتك والمتقزم فى حالك!!!!…

هل سيبرأ الجرح العميق فى قلبى متحيرا عن السبب الحقيقى لهذا التألم ؟ !!!! هل هو عدم المبلاة من الادارة القابضة …. ام علامات الفرح على الفرع المنهك من عبث التنازع والخسائر المتلاحقة؟!!! هل خوفى من مستقبل غير مأمون مع ادارة عاجزة؟ هل عدم قدرتى على الاستنكار او استدراك مافقدناه؟ هل هو الاخفاق ام تخدير الوعى أم بيع الوهم ام فقد الأصول أو غياب البصيرة  أو اختفاء الرؤية او اثر العناد أو عبث الصغار او هرم الكبار أو صدور الأمين أو عزم المريب…؟!!!! هل هو أحد هؤلاء أم كل هؤلاء ؟!!!!

الى اين نحن ذاهبون ؟!!!!! ماذا تخبىء الأقدار أمامنا ؟!!!!

سكة سفر !!!!!!

عالية بصوت جدتى … وقد استغفلت من يقظتى وغصت فى ذاكرتى مرة أخرى ….. متذكرا ما دأبت  جدتى الحبيبة تقصه علينا عن آخر الأخبار ….. وسر الأسرار….والتوقعات  الدفينة فى بقايا البن ” المحوج” على جدران الفنجان برسومات متعرجة ….. تقولها بجدية شديدة لأمى المستمعة بانتباه مصطنع ……

قدامك…. سكة سفر !!!!!    الى المجهول

        د حسين ربيع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.