أراء وقراءاتاقتصادمصر

النقد الذاتي.. بداية للبناء.. بقلم :عبد الغفار مصطفي

صورة تعبيرية من النت

استقرت التقاليد الفكرية في الثقافات المتقدمة علي أهمية ممارسة النقد الذاتي المعرفي وأنه بداية ضرورية لمناقشة الرؤى الفكرية والاتجاهات السياسية خاصة في إظهار السلبيات الخطيرة في تطبيق النظريات أو الاتجاهات.
وإذا تأملنا المعارك الفكرية التي دارت بين الماركسية والرأسمالية سوف يكتشف المتأمل أن الممارسة السياسية للماركسية علي الطريقة اللينينية وصفة بأنها تطبيق سيئ للنظم السياسية الشمولية التي تلغي الفرد باعتباره فردا له حقوق سياسية واقتصادية وثقافية كما هو الحال في الرأسمالية بحيث يشبه الفرد بأنه ترس في آلة الدولة الاشتراكية وواجهت الماركسية انتقادات عنيفة علي أساس اقتصاد الأوامر يلغي المنافسة كما هو الحال في الرأسمالية وبأنه اقتصاد فاشل عاجز عن التنمية المستدامة وتحقيق التقدم الحضاري مقابل النجاح الجزئي من التجربة الرأسمالية.
كذلك المتأمل في التجربة الرأسمالية والمتعمق فيها وكان علي رأسهم “شوميتر” أحد المفكرين الأمريكيين في كتابه “الرأسمالية والديمقراطية والاشتراكية” وفيه تنبأ منذ الأربعينيات بسقوط الرأسمالية لسبب عميق هو التناقض الجوهري فيها بين “جماعة عملية الإنتاج وفردية الاستحواذ علي الفائض” مما سيجعلها تتفجر من داخلها كنظام اقتصادي.. ونبوءة “شوميتر” قد تحققت عام 2008 حين انفجر النظام الرأسمالي الأمريكي وكادت أمريكا تُعلن أمام العالم إفلاسها الكامل.
هنا نفهم مع المتأملين أن أنسب المواقف الواجب اتخاذها في النظريات الاقتصادية إزاء الطبقة الإنسانية هو الموقف الوسطي الذي من شأنه إقامة التوازن بين تحقيق الصالح الخاص وإشباع الصالح الاجتماعي بحيث لا يجور أحدهما علي الآخر مع الأخذ في الاعتبار بأن الموقف الوسطي هو أصعب المواقف علي الإطلاق لأنه يقتضي المراقبة الدائمة حتي لا تميل كفة أحدهما علي الأخرى..

لهذا علينا دراسة وإعادة النظر في أسلوبنا في مصر في إدارة اقتصادنا خاصة أن إسلامنا الاقتصاد فيه يهدف إلي إشباع حاجات الإنسان ضمن إطار من القيم والأخلاق التي تحدث نوعا من التوازن بين الفرد والمجتمع الذي يحقق الرضا للإنسان والمجتمع في كافة ميادين الحياة عكس ما هو حاصل الآن من طغيان أصحاب الثروة والتجار ضمن مفهوم اقتصاد السوق الذي هو في الحقيقة نظرية الباطل الذي يراد أن تكون حقا.. فهم يوهمون الحكام ويخوفونهم بنظرية اقتصاد السوق ومفهوم العرض والطلب حتي يظل الاحتكار قائما والأزمات تتوالي والتضخم فنري نسبه ومعدلاته كما هو حاصل الآن في مصر.
وحسنا اعترف “كريس جارفيس” مدير بعثة صندوق النقد حيث اعترف الصندوق بالخطأ في تقدير قيمة الانخفاض وبسرعة إلي نحو 19 و20 جنيها بدلا من 13 جنيها مقابل 8.8 جنيه.. بينما حكومتنا السنية قابلت اعتراف الصندوق بصمت رهيب فضلا عن سخط المواطن وكثير من الخبراء الذين أشاروا إلي غياب المسئولية الحكومية في تبعات التخفيض التي يعيشها المواطن في ظل أسعار تصاعدية مستفزة وتضخم لا تحمد عقباه. وكأن مصر تسبح في بحيرة جافة بسبب تصاعد الدولار وتباطؤ مؤشرات النمو وعجز الميزانية فضلا عن العجز التجاري في ظل نقص سلعي وخدمي مع الاعتماد علي الواردات لإشباع احتياجات السوق. وفي وجود نقص حاد في تدفقات النقد الأجنبي والموارد الخارجية.

عبد الغفار مصطفى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.