الصراط المستقيم

إنتصارات المسلمين في رمضان.. “فتح انطاكية”

بقلم الدكتور /محمد النجار

ضمن سلسلة إنتصارات وفتوحات المسلمين العظيمة في شهر رمضان ، أتناول في هذه الحلقة “فتح انطاكية “.. وتليها حلقات فتح مدن اخرى..

موقع انطاكية :

تقع مدينة أنطاكية قرب الساحل الشرقي لتركيا على البحر المُتوسّط ، وبالقرب من مَصبّ نهر العاصي ، وتبعُد حوالي 19كم شمال غرب الحدود السوريّة على ارتفاع 104 متر فوق مستوى سطح البحر.

فتح أنطاكية في عهد عمر بن الخطاب :

تم فتح انطاكية مبكرا ودخلها نور الاسلام وحضارته في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، على أيدي الصحابي الجليل أبي عبيدة الجراح سنة 15 هجرية الموافق636ميلادي .
ويرجع الفضل في تحويلها الى مدينة اسلامية للصحابي الجليل “معاوية بن أبي سفيان” ، الذي لاحظ كثرة الهجمات البيزنطية على تلك المدينة لكثرة اتباع المسيح فيها عن غيرهم بما فيهم المسلمون ، فقرر ان يجعلها مدينة اسلامية بتحويلها الى اقطاعات ضخمة لينتقل المسلمون اليها ، فرحل اليها المسلمون من دمشق وحمص وحلب والعراق ، ليستوطنوا فيها . وبالفعل تغيرت التركيبة السكانية في انطاكية لصالح المسلمين ، وأصبحت مدينة اسلامية آمنة ، يتمتع السكان فيها بالتعايش السلمي ، حيث تحتوي على السكان المسلمين والنصارى الأرثوذكس والأرمن.
لم يحكم الأرمن انطاكية سوى سبع سنوات فقط ، حيث استعادها السلاجقة المسلمون بقيادة (سليمان بن قتلمس) مؤسس دولة سلاجقة الروم سنة 477هـ الموافق 1085م ليبدأ حكما اسلاميا فيها بعد غياب ((119)) سنة متواصلة ، واصبح ثلاث طوائف تتنازع على انطاكية :
• المسلمون بقيادة السلاجقة
• الدولة البيزنطية
• الأرمن ..بالإضافة القوة الجديدة القادمة من اوربا الغربية المتمثلة في القراصنة الايطاليين.

سقوط انطاكية في أيدى الصليبيين:

ظلت انطاكية في ظلال الحكم الإسلامي حتى سقطت سنة 491 للهجرة في أيدي الصليبيين الراغبين في دخولها لبالغ أهميتها الدينية عندهم ، وقاموا بتحصينها تحصينا قويا ، وبنوا سوراً طوله اثنا عشر ميلاً ، وأقاموا عليه ما يقارب مئة وستة وثلاثين برجاً على هذا السور ، وفي هذه الأبراج أربعة وعشرون ألف شرفة، فأصبحت انطاكية من أعظم المدن تحصنا ومنعة في ذلك الوقت.
ظل الصليبيون يحتلون انطاكية لمدة (170) سنة ، وظن المحتل الصليبي أن العالم الاسلامي قد مات ولن تقوم له قائمة ، وأن انطاكية اصبحت جزءا من الدولة البيزنطية الى الأبد .

فتح انطاكية وعودتها للمسلمين :

تولى الظاهر بيبرس حكم سلطنة المماليك سنة 658هـ في الوقت الذي كان فيه المسلمون في أشد حالات ضعفهم ، فأخذ على عاتقه استرجاع البلاد الإسلامية من أيدي أعظم عملاقين عاثا في بلاد المسلمين فسادا ، هما المغول والصليبيون ، فقام بطرد التتار من الشام ، ليتفرغ لقتال الصليبيين ، وبدأ يفتح المدن، الواحدة تلو الأخرى، و مهد الطريق لفتح أنطاكية، واستطاع عزلها عن المدن المجاورة ، وقَطَع كل سبل الإمدادات عنها.
وبعد أن فرض عليها الحصار طلب أهلُها الأمان، وأرسلوا وفداً للتفاوض معه، ولكنهم اشترطوا شروطاً رفضها بيبرس.
فشدّد في حصارهم حتى فتحها بالقوة في ( الرابع عشر من شهر رمضان سنة 666هـ الموافق 1268ميلاي) ، وأنزل الله نصره على المسلمين .
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)إِنَّهُم لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)سورة الصافات
وغنم المسلمون غنائم كثيرة لا تُحصى ولا تُعد، ووجدوا فيها من أسارى المسلمين خلقا كثيرا ، واستطاعوا تحرير كل ما فيها من الأسرى المسلمين، وعادت هذه المدينة إلى المسلمين بعد أن سيطر عليها الصليبيون مائة وسبعين عاماً، وكان سقوط انطاكية أعظم فتح حققه المسلمون على الصليبيين بعد معركة حطين.
لقد كان سقوط أنطاكية أعظم فتح حققه المسلمون على الصليبيين بعد استرداد صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس، و كان كارثة كبرى زلزلت كيان الصليبيين، وكان من كثرة الغنائم أن قُسمت النقود بالطاسات، كما كان من كثرة الأسرى، أنه لم يبق غلام إلا وله غلام.

فتح انطاكية وتحرير المسجد الأقصى :

ان استذكار ذلك التاريخ المشرق في فتح انطاكية وتحريرها في 14 رمضان بعد احتلال الصليبيين لها (170) سنة تعطي الأمل في قلوب أبناء الأمة انه مهما طال أمد الاحتلال الغاشم لأرض المسلمين ، ومهما بلغت قوة وبأس المحتل المغتصب ، فإن الله سيقيض للأمة شبابا ورجالا ونساءً مؤمنين يجاهدون في سبيل الله لتحرير أوطانهم ومقدساتهم ومسرى نبيهم ورسولهم من أيدي أعداء الله وألد أعداء الأمة اليهود الصهاينة .

( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) سورة غافر51اللهم انك ترى حال أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد اجتمعت عليها الأمم من كل حدب وصوب واحتلوا بلاد المسلمين ودنسوا مقدساتهم .. اللهم إنا ندعوك بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعا به على الأحزاب 🙁اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ)

اللهم ارزقنا قبل الموت توبة .. وعند الموت شهادة ..وبعد الموت جنة ونعيما ..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اللهم أنصر المسلمون في كل زمان و مكان و أن يرزقنا قبل الموت توبة و عند الموت شهادة و بعد الموت جنة

اترك رداً على جمال محمد عوض إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.