الصراط المستقيم

استشارات أسرية:رفع الزوجة صوتها على الزوج والرد عليه أمام الأولاد…. المشكلة والحل

بعض الزوجات يتعاملن مع أزواجهن بطريقة تخالف الشرع الحكيم من رفع الصوت عليه وتكرار ذلك، والندية، والرد عليه أمام الأولاد بأسلوب لا يليق، وبالتالي يكون رد الفعل من الزوج إما الصمت أو الدخول في أم المعارك الزوجية، وهذا أو ذاك لا يؤدي للاستقرار في الحياة الزوجية، ويسألني كثير من الناس ماذا نفعل تجاه هذا الأمر؟!

 

ج: ما تفعله الزوجة مع الزوج من رفع الصوت، المعاملة بندّية، الرد عليه أمام الأولاد أو التعامل معه بجفاء، يخالف ما أمر به الشرع من حسن العشرة بين الزوجين.

 

فالإسلام وضع أسسًا واضحة للعلاقة بين الزوجين قائمة على المودة والرحمة، وحسن المعاشرة، واحترام كل طرف للآخر. لذلك، وهذه السلوكيات تحتاج إلى تصحيح شرعي ونفسي.

 

أولاً: الموقف الشرعي من هذه السلوكيات

 

1. رفع الصوت على الزوج

 

الشرع يدعو إلى اللين والمودة في التعامل، خاصة بين الزوجين.

ورفع الصوت على الزوج يُعتبر إساءة في التعامل، ويُنافي ما أمرت به الشريعة من طاعة الزوج بالمعروف، قال الله تعالى:

“وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ” [النساء: 19].

كما أن الزوجة مأمورة أيضًا بالمعروف مع زوجها.

 

فالنبي ﷺ قال: “إذا صلَّت المرأة خمسَها، وصامت شهرَها، وحفظت فرجَها، وأطاعت زوجَها، قيل لها: ادخُلي الجنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شئتِ” (رواه ابن حبان).

إذن، الطاعة بالمعروف تشمل تجنب ما يُسيء للزوج، مثل رفع الصوت عليه.

 

2. معاملة الزوج بندّية

 

الأصل في العلاقة الزوجية أن تكون قائمة على التكامل لا التنافس.

فالشرع جعل الرجل القوام على المرأة بما فضّله الله من تكاليف ومسؤوليات، قال الله تعالى:

“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” [النساء: 34].

معاملة الزوج بندّية تخالف هذه القوامة، وتُسبب خللًا في العلاقة، إذ يحتاج الزوج أن يشعر بأنه محل احترام وتقدير في البيت.

 

3. الرد عليه أمام الأولاد

 

الشرع يحث على تقدير الزوج، والحفاظ على هيبته وقيمته ومنزلته أمام الأسرة.

والرد عليه أمام الأولاد أو انتقاده يُسبب انكسارًا في صورة الأب في عيونهم، وهذا منافي لما أوصى به النبي ﷺ من حفظ الحقوق الزوجية.

 

قال النبي ﷺ:

“لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ لما عظم الله عليه من حق” (رواه الترمذي).

والسجود هنا ليس مقصودًا بذاته، لكنه يُظهر عِظم حق الزوج ووجوب احترامه.

 

هل يجوز شرعًا أن تُعامل الزوجة زوجها بهذه الطريقة؟

 

لا يجوز للزوجة أن تُعامل زوجها بندّية، أو برفع الصوت والجفاء، لأن هذه التصرفات تخالف نصوص الشرع وآداب العلاقة الزوجية.

قال الله تعالى:

“وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ” [البقرة: 228].

أي أن العلاقة يجب أن تكون قائمة على الاحترام والتقدير المتبادل.

وقال النبي ﷺ:

“خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي” (رواه الترمذي).

فالخير مع الأهل يشمل المودة والمعاملة الحسنة.

 

الحل الشرعي لهذه الزوجة

 

1. التوبة والاستغفار

 

إذا كانت الزوجة تدرك أنها تعامل زوجها بسوء أو تخالف آداب الشرع، فعليها التوبة والرجوع إلى الله.

التوبة تشمل:

👈الإقلاع عن التصرفات السلبية.

👈الاعتذار للزوج إذا أُسيء إليه.

👈طلب العون من الله لتغيير النفس، قال الله تعالى:

“إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” [الرعد: 11].

 

2. طلب العلم الشرعي

 

على الزوجة أن تتعلم حقوق الزوج عليها لتكون على بينة بما أوجبه الله.

من أهم الحقوق:

👈الاحترام والتقدير.

👈طاعة الزوج بالمعروف.

👈الحفاظ على سرية العلاقة الزوجية.

 

3. تحسين السلوك والمعاملة

 

اللطف في الكلام، خفض الصوت، احترام الزوج أمام الأولاد، والتعامل معه بمودة هي تصرفات توافق الشرع وتعيد التوازن للعلاقة.

 

4. الدعاء بإصلاح الحال

 

على الزوجة أن تدعو الله أن يصلح قلبها، ويُعينها على التعامل مع زوجها بما يُرضي الله.

 

المُلخّص:

 

ما تفعله الزوجة إذا كان فيه رفع صوت أو تعامل بندّية أو انتقاص من الزوج فهو تصرف غير مشروع، ويحتاج إلى مراجعة وضبط للنفس بما يُحقق حسن العشرة والالتزام بتعاليم الشرع.

 

إذا أصلحت الزوجة سلوكها، سيكون ذلك مفتاحًا لإعادة الاستقرار والمحبة في الأسرة، كما أن هذا الإصلاح يرضي الله ويُصلح أحوال الزوجين والأبناء.

 

تعقيب

 

البعض قد يسأل سؤالاً مهماً: بعض الزوجات يقعن تحت الضغوط التي لا يفهمها الزوج، وأحياناً لا يستطعن الصمود أمامها خصوصاً إذا كان الزوج مشغولاً عنها أو لا يساعدها في اتمام الأعمال الخاصة بالأسرة، فهل هذا لا يجعلنا نعذرها عندما ترفع صوتها عليه أو تعامله بندية أو ترد عليه أمام الأولاد بانفعال؟!

 

لفهم هذه الحالة بعمق يجب أن ننظر إليها من منظور أعمق في العلاقة بين الزوجين يتضمن: الظروف، والأدوار، والتواصل، والمسؤوليات المشتركة.

 

1. التعاطف مع الزوجة:

 

من المؤكد أن الضغوط اليومية، سواء كانت ناجمة عن الأعباء المنزلية، تربية الأبناء، أو حتى تحديات الحياة الشخصية، يمكن أن تكون ساحقة.

فإذا كان الزوج مشغولاً أو غير مدرك لحجم هذه الأعباء، فقد تشعر الزوجة بالإرهاق أو الإحباط، مما يؤدي إلى ردود أفعال غير متزنة مثل رفع الصوت أو الانفعال.

من هذا المنطلق، من المهم أن يكون هناك تعاطف وتفهم لمشاعرها وظروفها.

 

2. ولكن:

 

في الوقت نفسه، يجب أن نضع في الاعتبار أن ردود الأفعال السلبية مثل رفع الصوت أو التعامل بندّية أمام الأبناء لها عواقب وخيمة ولها دور محوري في تربيتهم ومستقبلهم:

 

👈تؤثر على احترام وتبجيل الأطفال لوالديهم.

👈تضعف العلاقة الزوجية وتؤدي إلى تراكم مشاعر الغضب أو الجفاء.

👈تنقل للأطفال أن الانفعال هو الوسيلة الصحيحة لحل المشكلات، وكأن الغضب هو الحل وليس التفاهم ولا الصبر ولا الحديث بأدب!

 

3. دور الزوج:

 

إذا كان الزوج لا يدرك حجم الضغوط التي تواجهها زوجته، فإن الحل يكمن في تعزيز التواصل بينهما. على الزوج أن:

👈يسألها عن أحوالها ويستمع لها بصدق.

👈يشاركها بعض المسؤوليات، سواء كانت أعمال منزلية أو رعاية الأطفال ولو بصورة غير متكررة المهم يشعرها بأنه مهتم.

👈يُظهر تقديره لما تقوم به، لأن التقدير يساعد كثيراً في تخفيف الإحساس بالضغط.

 

4. دور الزوجة:

 

حتى في ظل الضغوط، من المهم أن تحاول الزوجة التحكم في انفعالاتها، وتجد طرقاً للتعبير عن مشاعرها بطريقة تتناسب مع فضل الزوج.

يمكن أن تكون جلسة حوار هادئة أكثر تأثيراً من الانفعال.

كما أن الأطفال يتأثرون بتصرفاتها، مما يضعها أمام مسؤولية أن تكون قدوة لهم في كيفية التعامل مع الخلافات.

 

الخلاصة:

 

ليس الهدف لوم الزوجة أو الزوج، بل إدراك أن الزواج مسئولية وأمانة وله مكانة عظيمة في الشرع والمجتمع، وأن حُسن العشرة أصل أصيل بينهما، وبالتالي لابد من الزوج إدراك أن الزوجة في الغالب لا تستطيع تحمل كل هذه الضغوط في المنظومة الحالية، وبالتالي عليه أن يتفهّم ذلك.

ولكن في الوقت نفسه الخطر الكبير الذي تقع فيه الزوجة بصوتها المرتفع ونديتها وضعف التبعّل لزوجها يؤثر على المنظومة بشكل هي لا تتخيله، بل ستجد آثار ذلك في مستقبل أولادها ذكوراً وإناثاً خصوصاً عند الزواج، فما نفعله اليوم دون إدراك، نصنعه الغد بأضراره ومثالبه، ونجنى شوكاً مستمراً بحجة عدم القدرة على مجابهة الضغوط والإهمال وعدم الأمان!

مختارة من صفحة محمد سعد الأزهري على فيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.