بقلم د. ندى صالح هادي
لعل من أحطر هذه الجرائم في العصر الحديث، جريمة الإرهاب والتحريض عليه؛ حيث إنه أصبح بالنسبة للمجتمع مصدرًا للقلق والرعب وعدم الاستقرار وفقد الأمن والأمان، فلا تجد مكانًا إلا ويصطلي بنار الإرهاب بأحد أشكاله العديدة، سواء كان بارتكاب جريمة إرهابية أو بالتحريض عليها بأي صورة، سواء كانت صورة تقليدية أو إلكترونية.
وتحتل الجريمة الإرهابية قدرًا كبيرًا من الأهمية،لدى فقهاء الشريعة الإسلامية، والقانون الجنائي، لما تشكله هذه الظاهرة الإجرامية من خطر جسيم على المجتمع، أفرادًا وجماعات،وبما تخلفه من ضياع للأمن، وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، وانتهاك للحرمات التي جاء الإسلام لصيانتها، وتدنيس للمقدسات التي أوجب الإسلام الدفاع عنها وعدم المساس بها،وإزهاق للأرواح بغير حق، بكافة صوره كقتل الأبرياء, وخطف للمدنيين المسالمين الآمنين،وتهديد لحياة الكثير منهم، وفي البلاد الإسلامية تحتل ظاهرة الإرهاب بعداً أكثر أهمية، بحكم معاناة تلك الدول من مختلف صور الجرائم الإرهابية، وتحت مسميات، وذرائع مختلفة عرضت سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وألقت الرعب في نفوس المواطنين، وألحقت الضرر بالاقتصاد القومي، والبيئةوالمنشآت، والأملاك العامة والخاصة، وعرقلة ممارسة الحياة الطبيعية في أجزاء كبيرة من الوطن.
لقد أظلنا عصر الإرهاب بوجهه الأسود البهيم، إن الإرهاب أعمى لا يبصر ، وأصم لا يسمع، إنه الأرهاب البغيض الذى لا يفرق بين كبير وصغير ولا بين رجل وأمرأة، إن الارهاب لا دين له يدين به ولا وطن له يعيش فيه ولا خلق له يتخلق به، ولا أمل له إلا أن يرى البلاد خراباً ويرى أرضها خصبة للاحتلال، ولا هدف له إلا أن يعيش الناس فى ضنك وكد وتعب وضيق فى العيش، الإرهاب هو الموت بعينه هو الدمار والخراب هو البحث عن الأبرياء لقتلهم، وعن المجرمين لإطلاق سراحهم.
فلا نية فى مثل هذه الأعمال التى لا تمت إلى الإسلام بصلة، وما جنينا من الإرهاب سوى التأخر فى كل مجالات حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إن الذين يصفقون ويهللون لهذه الأعمال الإجرامية الممقوتة ليسوا بأقل جرماً ممن أرتكبها، إن الذين يباركون ويؤيدون الإرهابيين هم أرهابيون مثلهم.
إن هذه الأعمال والجرائم الإرهابية، الإسلام منها براء وهى ضده فى كل اتجاه، ولا تمثله، وإن ظنوا أنهم يفعلون ذلك لخدمة الدين، فقد خاب ظنهم، وقد افتروا على الله كذباً وأتوا بهتاناً مبيناً وإفكاً عظيماً .
أننا ندين ونستنكر ونشجب ونجّرم ونحّرم هذه جرائم الإرهاب النكراء في كل مكان، وكافة الأعمال الإرهابية التى تهدم ولا تبنى وتفرق ولا تجمع، كما ندين كل من شارك أو نفذ عملاً روع به إنساناً أو خرّب به بيتاً أو يتمّ به طفلاً أو ثكّل به أمراة أو أحرق قلب أم على وليدها، أينا كان هو منفذ العمل الإرهابى حتى لو نفذ هذا العمل باسم الدين فالدين منه براء وحتى لو نفذه باسم القانون، فلا أجد قانونا فى العالم كله يقر ترويع آمن أو خراب ودمار بلد، اللهم إلا إذا كان قانون الغاب وشريعته.
خلاصة القول ان الإرهاب مرفوض أياً كانت دوافع منفذه، وتحت أى مسمى تم تنفيذه، فلا دين ولا عقل ولا قانون يقر عملاً من شأنه جلب الفوضى وانتهاك الحرمات.
وأناشد الجميع حكومة راشدة وشعباً واعياً، التكاتف والتلاحم والوقوف صفاً واحداً ضد الإرهاب، وإلا لن ترى بلادنا خيراً ولن تنعم بأمن ولا أمان فى ظل هذا الإرهاب، فستظل ما بين الحين والحين تكتوى بسعاره وتصلى جحيمه ما لم يجتث من جذوره، كما أناشد العلماء والعقلاء والمثقفين والكتاب والمفكرين التصدى بكل قوة لتلك الأفكار الهدامة، التى ينموا ويترعرع فى حضنها الإرهاب، ويقوموا بنشر الفكر الإسلامى الوسطى الرشيد.
بقلم د. ندى صالح هادي
أستاذ مساعد دكتور بكلية القانون جامعة القادسية – العراق