كتبت : د.هيام الإبس
حاصرت السيول والفيضانات الطرق ونقاط العبور فى معبر أشكيت بين مصر والسودان، وتحدث مواطنون عن تعليق العمل نتيجة الأضرار وتهدم الطرق قرب هذه المنطقة.
معبر أشكيت هو ثانى معبر بعد “أرقين” الذى يعتبر الممر الأساسى لحركة النقل البرى بين السودان ومصر، وأدت السيول إلى تدمير الطريق بين المعبرين السودانى والمصرى فى منطقتى “أشكيت وقسطل”.
وشهدت محلية وادى حلفا شمال السودان فيضانات وأمطار غزيرة اليومين الماضيين، وقال سكان محليون إن عشرات المنازل تهدمت جراء المياه والسيول، كما جرفت السيول بعض الطرق فى منطقة أرقين التى يوجد فيها المعبر الرئيسى بين السودان ومصر.
ونشر الإعلامى المقيم بمدينة وادى حلفا عبودى شاكر مقطع فيديو اليوم، على حسابه الشخصى على “فيسبوك”، يظهر تدمير السيول للطريق بين معبر أشكيت السودانى ومعبر قسطل المصرى شمال البلاد.
وحذرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية من الفيضانات والأمطار الغزيرة فى ولايات الشرق والشمال، وتشمل التحذيرات مناطق البحر الأحمر والشمالية الأكثر تضرراً بالسيول وفق النشرة الجوية التى صدرت الأربعاء.
وقالت النشرة إن الفترة من السابع وحتى 13 من أغسطس الجارى، ستشهد مناطق البحر الأحمر والقضارف والخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض والشمالية وغرب دارفور وشمال دارفور وشمال كردفان، ستشهد أمطارًا غزيرة وفيضانات تهدد الأرواح والممتلكات. وشهدت مدينة وادى حلفا اليوم للمرة الثانية خلال ساعات أمطارًا غزيرة، وتوقفت حركة السيارات بسبب تجمع المياه.
لم تسجل المنطقة مثل هذه الظاهرة منذ مئات الأعوام
سقطت كميات كبيرة من الأمطار خلال الأيام الأخيرة فى العديد من المناطق فى غرب ووسط وشرق إفريقيا، وهذا يعد أمراً طبيعياً فى هذا الوقت من السنة بسبب الظروف المناخية الناجمة عن حركة الفاصل المدارى نحو شمال إفريقيا فى فصل الصيف.
خبير مختص يوضح الأسباب وراء الأمطار الغزيرة على الحدود بين مصر والسودان
اوضح الدكتور عباس شراقى، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية فى جامعة القاهرة، عن سبب الأمطار الغزيرة التى لم تشهدها الحدود المصرية-السودانية منذ مئات السنين.
ذكر الدكتور عباس شراقى، إنه ليس من الطبيعى أن يتوسع حزام الأمطار نحو الشمال ليشمل مناطق لم تتعرض للأمطار منذ مئات السنين فى شمال السودان وجنوب مصر (من حلايب حتى العوينات مروراً بأسوان)، وكذلك شمال تشاد والنيجر ومالى وموريتانيا، بالإضافة إلى أن هذا الحزام امتد إلى جنوب السعودية.
فى المقابل، شهد خليج غينيا المعروف بكثرة أمطاره تساقط أمطار أقل من المتوسط.
كشف الدكتور عباس شراقى أن الأمطار على سطح الأرض تتأثر بالعديد من العوامل، وأهمها تأثير الشمس على مياه البحار والمحيطات، بالإضافة إلى تكوين الظواهر الجوية مثل النينو، الذى يتمثل في ارتفاع درجة حرارة مياه سطح المحيط الهادئ.
هذه التأثيرات تؤثر على الكتل الهوائية، كما تؤدى إلى عملية البخر وتكوين السحب وحركتها، مما ينتج عنه هطول الأمطار فى بعض المناطق مثل شرق أفريقيا، بينما قد يحدث جفاف فى مناطق أخرى.
وقال الدكتور عباس شراقى، أن شدة حرارة الشمس على الأرض مرتبطة بدورة النشاط الشمسى (انفجارات البقع الشمسية) التى تستمر لمدة 11 عامًا، وأن عامى 2024 و2025 يمثلان منتصف هذه الدورة، وبالتالى ذروة نشاطها، حيث تعتبر هذه الدورة أكثر نشاطًا مقارنةً بالدورات السابقة منذ بدايتها فى عام 2018، ولذلك شهدنا فى الشهرين الماضيين ارتفاعًا ملحوظاً فى درجات الحرارة فى العديد من الأيام بشكل غير معتاد، وسيستمر هذا حتى العام المقبل.
كما أن هذا النشاط له تأثير أيضًا على سنوات الفيضانات والجفاف فى جميع الأنهار، بما فى ذلك نهر النيل، منذ آلاف السنين.
التقلبات المناخية وليس للتغيرات المناخية
كشف الدكتور عباس شراقى أن ما يحدث فى الوقت الراهن ناتج عن التقلبات المناخية وليس التغيرات المناخية، وإذا استمرت هذه الأمطار بالتكرار بشكل متواصل لمدة 30 عامًا، عندها ستعتبر تغيراً مناخيًا دائمًا.
أشار الدكتور عباس شراقى فى تصريحات سابقة، إلى أنه من المتوقع أن تبقى كمية الأمطار مرتفعة عن المعدل الطبيعى خلال شهر أغسطس الحالى فى شرق إفريقيا.
وأضاف الدكتور شراقى، أن العديد من المناطق شهدت فى 6 أغسطس 2024 أمطاراً غزيرة استمرت لأكثر من عشر ساعات متواصلة، مما تسبب فى حدوث فيضانات وسيول فى مدينة أبو حمد بولاية نهر النيل، التى تقع على بعد 500 كم جنوب أسوان، وأسفر ذلك عن تدمير الآلاف من المنازل ووقوع إصابات ووفيات بين العشرات، مضيفاً أن منطقة أبوحمد تُعد من أكبر المناطق التى تُمارس فيها عمليات استخراج الذهب فى السودان.
وتؤدى هذه السيول إلى جرف العديد من المخلفات الناتجة عن عمليات التعدين، بما فى ذلك العناصر الثقيلة مثل الرصاص والزنك والكبريت التى تتواجد مع خام الذهب، بالإضافة إلى السيانيد المستخدم لفصل الذهب، وهذا يؤدى إلى زيادة تلوث المنطقة، خاصةً المياه الجوفية القريبة من السطح.
فى الأثناء، أعلنت وحدة الإنذار المبكر بهيئة الأرصاد الجوية إنها تتوقع هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية، فى ولاية البحر الأحمر، والأطراف الشمالية لولاية كسلا، وأواسط ولاية شمال دارفور.
وأضافت الوحدة أنه من المتوقع أن تؤدى هذه الأمطار إلى جريان سيول جارفة، فى تلك المناطق، ودعت الجهات المعنية والسلطات المحلية اتخاذ أعلى درجات الحيطة والتأهب.