أراء وقراءات

الصديق الحقيقي 

بقلم / كريم صبحي

في زحمة الحياة وصخب الأيام، تتعدد الوجوه وتتغير الأسماء، لكن الصديق الحقيقي يظل نادرًا. هو ذاك الشخص الوحيد الذي تبوح له بكل ما يثقل قلبك، وربما لا يتجاوز عددهم الواحد أو الاثنين في الحياة كلها.


الصداقة صدق المواقف

الصداقة لا تُقاس بالزمن، بل بمدى الصدق في اللحظات. ليست مجرد أحاديث عابرة أو جلسات مليئة بالضحك، بل هي أعمق من ذلك، تواصل الأرواح قبل لقاء الأجساد، وانسجام القلوب قبل أن تتكلم الألسن.


لغة الأصدقاء الحقيقيين

الصديق الحقيقي لا ينتظر أن تشرح له ما بك، بل يقرأك في صمتك، ويفهمك بنظرة. هو من يدرك ألمك دون أن تتفوه بكلمة، يراك كتابًا مفتوحًا، ويشعر بك في كل حالاتك.


 الغياب استراحة لا جفاء

الصديق الحقيقي من يعلم أن ابتعادك أحيانًا ليس هجرًا، بل حاجة لالتقاط الأنفاس، فيتفهم ذلك دون عتاب. حضوره لا يكون فقط في السعادة، بل هو السند وقت الضعف، والمصدر الأول للشعور بالأمان.


كلمات تشفي ومواقف تبني

الصديق الحقيقي حديثه لا يأتي لملء الفراغ، بل يحمل الطمأنينة، يزيل الهم، ويشفي ما عجزت عنه الكلمات. هو من يدفعك للأمام حين تتراجع، يرى فيك النور وسط العتمة، ويظل مؤمنًا بك حتى حين لا تؤمن بنفسك.


الفرح المشترك 

الصديق الحقيقي لا يحسدك حين تنجح، بل يفرح لك من أعماقه، كأن إنجازك إنجازه، ويشعر بأن فوزك شهادة على نقاء علاقتكما. هو من يدفعك إلى القمة، لا من يثقل كاهلك عند أول تعثّر.


الدعاء في الغياب… أصدق حضور

الصديق الحقيقي تسبقك دعواته في غيابك قبل حضورك، وتحيطك كدرعٍ من نور، لأنها نابعة من محبة صافية لا ترتبط بمكان أو زمان. حتى وإن باعدت بينكما الحياة، تبقى محبته معك، تفتح لك الأبواب وتضيء الطريق.


الصداقة لا يحدها مكان ولا يضعفها زمان

الصداقة الحقيقية لا تفصلها المسافات، ولا تنتهي بانتهاء اللقاءات. الأجساد قد تتباعد، لكن الأرواح تظل مشدودة بخيط لا يُرى. العلاقة لا تُقاس بعدد اللقاءات، بل بعمق المشاعر وصدق التفاهم.


الصديق الحقيقي… كنز لا يفنى

الصديق الحقيقي لا يكون فقط في لحظات الفرح، بل هو الحاضر دومًا، يمدك بالطاقة حين تنفد، ويفهمك دون أن تشرح. من يعثر على صديق كهذا، كمن امتلك كنزًا يفوق المال والذهب، كنزًا يضيء القلب ويغني الروح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى