الفن والثقافة

“الفراشات لا تتعلم أبدًا”

من اختيارات / محمود حسن

الأحد 05 يوليو 2020

ماذا كان يضير الفراشات لو رضيت بحياتها حتى لو كانت في الظلام هانئة بدلا من إنجذابها للنور الكاذب
البعيد الذي طارت إليه شوقا وأملا في حياة صاخبة فاحترقت؟؟!
هكذا قالت الفراشة الحكيمة للفراشات الأخريات الشغوفات بالطيران نحو الضوء البعيد
قاطعتها فراشة شاردة حالمة
– وأين ذهب كلامك عن تنمية الفراشات، والأمل في حياة أفضل وتطوير الذات؟!
أعربت الفراشة الحكيمة عن سعادتها بهذه السؤال ثم أردفت… الأمل يا عزيزتي والرغبة في حياة أفضل
مهم جدًا ورغبة جارفة للعيش السعيد وننادي به دائما لكن السفر نحو الضوء الأخاذ
هو مجرد دعوة مجانية للهلاك الرخيص.الأمل يا حبيبتي في أن تنامي بعيدا عن الصخب والضجر..
وحين يأتي الصباح تغسلي جناحيك بالندي وتطيري على كل الزهور والأشجار وتداعبي العصافير
قالت ومن أين لك أن الهجرة نحو الضوء لا تعني سوي الموت الأكيد؟!.. ولم نرا ذلك ولم يرجع أحد!!..
قالت لهم: ولماذا لم يرجع أحد من هناك؟؟
.. أليس أولي بمن هاجروا وتنعموا بحياة أخري أن يعودوا ويتفاخرون بنجاحاتهم ونري نحن أثر النعمة في حياتهم..
هم لن يعودون لأنهم ماتوا جميعًا
لماذا ينبغي علينا دائمًا أن نمارس بأنفسنا نفس التجربة إذا كان من الممكن أن نتعلمها من الآخرين؟!،
وإلا سيكُتب على كل ظمآن أن يهلك عدوا خلف سَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا.
كشفت الفراشة الحكيمة عن جناحها المهيض في مشهد درامي مؤثر وقالت:
“يا فراشات أبوكم مات هناك ونسيتم نباء مقتله حين كان يومًا مشهودًا في طرقات الحديقة”
..هذا جناحي فلتنظروا إليه، حين ذهبت بنفسي في رحلة استكشافية هناك نحو الضوء البعيد
ورأيت بعيني كيف تنجذب الفراشات في دوامة الموت اللعين وهي تحاول الخلاص ولات حين مناص…
هذا جناحي احترق حين كنت أراقب وأرصد ما يدور..
لم تلتفت الفراشات.. ولم يكترث أحدًا ولكن بقي النور الوهاج وظلت في اليل تنجذب إليه الفراشات تحترق وتموت.
حزنت الفراشة الحكيمة وقالت يا ليتني ما تشرنقت قبل هذا وكنت نسيا منسيا!!!
… وفرضت على نفسها شرنقة إختيارية..وحين قررت أن تعود.. وجدت نفسها في عزلة إجبارية
كانت الفراشات من كل التيارات حتى الذباب، والهاموش، والناموس يحاصرون كل شيء حتى نومها وأفكارها.
بعد عدة أيام من غلق حسابها على فيس بوك بسبب بلاغاتهم،
بالكاد استعادته الفراشة الحكيمة وكتبت.. أنها تشعر بالحزن…
لأنه ليس بإمكانها محاربة النور الأسود لكنها أبدًا لن تطير إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.