

علينا أن نعترف ونمتلك الشجاعة ان مصر تمر بمرحلة تغير في الأخلاق وقد أضحي الشارع المصري نموذجا لهذا التغير الأخلاقي ولم يعد ذلك الشارع القديم الذي حكمته أخلاقيات وثوابت ابتداء بالعلاقات الأسرية وانتهاء بالمعاملات والعلاقات التي عكست حالة مجتمع مترابط تحكمه روابط وثوابت دينية وسلوكية إذ أفرزت مجتمعاً لا يعرف القسوة ولا الفهلوة ولا الانفلات والفوضي التي باتت عنوانا للشارع المصري الآن.
فهل انهيار الأخلاق سبب لما نحن فيه من فساد أم انعكاس لانهيار منظومة القيم.. أم لأسباب متشابكة لم نعرف كيف نفكك هذا التشابك؟ أم لانهيار التعليم وانهيار سلطة القانون.. أم هو للتحول السريع في الظروف الاقتصادية التي كانت ولا تزال سبباً مباشراً في انهيار الشبكة الاجتماعية التي كانت تربط المجتمع وتجعله مجتمعا متجانسا متكافلا يشد بعضه بعضا إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالتفاعل والمساعدة والغيرة الأخلاقية.
ان الأخلاق هي عنوان للشعوب الراقية حثت عليها جميع الأديان السماوية وهي أفضل وسيلة للتعامل بين البشر وقد تغني بها الشعراء ومنهم أميرهم أحمد شوقي حين قال: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
لهذا فللأخلاق دور كبير في تغيير الواقع إلي الأفضل وتطويره ومجابهة الفساد بجميع أشكاله.. تلك الظاهرة التي تلقي بظلالها علي حياة المصريون..
وهل لفساد الأخلاق انعكاس علي الاقتصاديات الحياتية للمصريين.. كل التقارير الاجتماعية تشير إلي ذلك وتحلل هذه الآفة التي نجدها في الصورة القاتمة لمشهد المجتمع المصري ومستنقع النهب العام والسرقات والرشاوي بين مسئولين كبار أو هكذا يزعمون أنهم كبار حيث الصفقات المشبوهة والعمولات وكذلك الفن الهابط والمسلسلات التي تفسد الذوق العام وتشويه سلوكياتهم قتلاً وسرقة.
نعم هذه الآفة تهدد سلوكنا جميعاً دولة وشعبا في رصيدنا الإنساني والحضاري.. هذا الرصيد الذي عاش عليه المصريون وكانوا آية في التلاحم والشهامة والتواصل والرحمة.. عكس ما نحن عليه الآن من عنف في كل مشاهد حياتنا.
ومن معلوماتي ان د. أحمد عكاشة الطبيب النفسي تلوح له فكرة عقد ورشة عن دراسة أسباب أزمة الأخلاق في مصر لكن الرجل لا يجد من يدعمه في ذلك وكذلك دعوة كل من شيخ الأزهر د. الطيب والبابا تواضروس لعمل حوار مجتمعي حول أزمة الأخلاق في مصر.
علينا ألا ننسي ان من مسببات أزمة الأخلاق.. قضية الفقر وزحام الشارع وما فيه من فوضي. فضلاً عن كارثة المخدرات التي تنتشر في المجتمع كالنار في الهشيم بجانب غياب العدالة حيث البطء وعدم التنفيذ وضياع الحقوق.
