الفلسطينى سيربح المعركه وإن طال السفر

من اختيارات / محمد ممدوح ابو الفتوح

فى عام ١٩٦٤ أعلنت الجموع الفلسطينيه انطلاق منظمة التحرير الفلسطينيه، وكان هناك لقاء أصبح شهيرا جدا ضم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والأب المؤسس للمنظمه الراحل ياسر عرفات ، ويومها طلب عبد الناصر من عرفات العمل على أن يطلق الفلسطينيين لو طلقه رصاص واحدة ولو فى الهواء، بشرط أن يكون الاطلاق يوميا.

مطلب عبد الناصر كان هدفه أن تظل القضيه حيه ولا تتوه فى زحام القضايا،ثم عبد الناصر كان بطلبه قارئا جيدا لطبيعة الفلسطيني الذى قد يمرض، قد يمل، قد يهاجر، ولكنه ابدا لا يموت ولا يتخلى عن حلمه فى تحرير كامل فلسطين من البحر إلى النهر.

ذات يوم صرخ شاعر فلسطين الأكبر محمود درويش مخاطبا المقاوم الفلسطينى قائلا :”انتصر،هذا الصباح، ووحد الرايات والامم الحزينه والفصول بكل ما أوتيت من شبق الحياه بطاقة الطلقات باللاشىء.وحدنا بمعجزة فلسطينيه”.

يواصل درويش كلامه قالا : نعم وحده الفلسطينى ينتصر باللا شىء،ينتصر بشبق الحلم، يصنع  من جرحه شفقا ومن حذائه افقا. الفلسطينى هناك دائما يسجل حضوره الموجع للعدو فى لحظات يؤمن فيها المتعجل بأن الفلسطينى قد مات وتفسخت جثته تحت تراب قبره،فى تلك اللحظه ذاتها ينتفض الفلسطينى كعنقاء تخرج من المحرقه بريشها الزاهى وبجسدها الذى طهرته النيران والكلام لدرويش،  يخرج الفلسطينى شاهرا حلمه الذى لن يتركه طرفة عين ،من قلب لحظة الموت يتخلى الفلسطينى ويولد لامعا نظيفا نبينا طيبا.

يوحد الرايات والامم الحزينه والفصول الفلسطينيه التى لا تنتظر مددا من احد ولا معونه من احد، المعجزة الفلسطينيه تصنع نفسها بنفسها،لا تراهن سوى على الله ثم الامل،  الامل يبدو فلسطينى الأبوين والجدين، الأمل صناعة فلسطين الأولى بل تكاد تكون الوحيده ،يربي الفلسطينى أمله كما يربى ولده،يرعاه ويسهر عليه ويعلمه ويثقفه ثم يصوبه فى صدر عدوه.

الفلسطينى سيربح المعركه وإن طال السفر وتعاظمت التضحيات، سيربح بقربه الأمل التى يحملها فوق ظهره، بل فوق قلبه مباشرة.

انظر الى حال العرب من المحيط إلى الخليج، ومن الخليج إلى الجحيم، هل هذا حال يبعث على الامل وعلى المقاومه وعلى التمسك بتحرير الأرض التى باركها الله؟.

حسابات الفلسطينى لا علاقة لها بنظريات العلوم السياسيه، الفلسطينى لا يفهم فى توازن القوى العالميه ولا فى موازين القوى الاقليميه، الفلسطينى لا يعنيه فى شىء نوعية السلاح وتطور الإله.

الريح العربيه معاكسة تماما، الأرض العربيه قاحله والماء العربى مالح، فكيف يفعلها الفلسطينى ويثور الان؟

منذ ما قبل نكبة ١٩٤٨ نكبة السطو المسلح على ارضه والفلسطينى يقاوم ،ليس عل ظهر هذه الأرض شعب يقاوم  كما قاوم الفلسطينى، مقاومة الفلسطينى خير رد عن تكاسل الأمم العربيه  التى ترسخ السياسات العربيه والدول  وليست معنيه اصلا لا بالقدس ولا بالإقامة ولا بكل فلسطين.

وتتواصل موجات المقاومة الفلسطينيه ثم فى يوم قادم لا محاله سنرى الطفل الفلسطينى يولد تحت ظلال علم فلسطين وحده لا يشاركه فى سماء بلاده اى علم اخر.

الفلسطينى لا يريد من كل العرب شيئا، لايريد أن يورط أحدا فى معركة فوق قدراته، فقط يريد كلمة خير أو الصمت.

دعوا الفلسطينى يخوض حربه ويصنع اسطورته التى ستجد حقيقه ملموسة على الأرض فى زمن قادم رغم كل الانوف.

 

Exit mobile version