الكاتب الصحفي صالح إبراهيم يكتب : في المحطة الـ ٧٨ .. التورتة الشهية ..بيد الابنة الذكية

الكاتب الصحفي الكبير يستعرض بسلاسة نادرة وبأسلوب مميز مسيرة حياته الثرية منها 60 عاما صحافة

 

**٦ مايو ١٩٤٣ البداية و ٦ مايو المحطة الثامنة والسبعين من رحلة عمر أجله عند الله سبحانه وتعالى وحده..صرخات البداية امتزجت بصفارات الإنذار وغارات طائرات المحور فوق القاهرة والإسكندرية أثناء اشتعال الحرب العالمية الثانية ..قالت له أمه حين كبر قليلا أن شظايا القنابل مرت بجواره بعد ولادته بلحظات لكن الله سلم..فقد كتب له -سبحانه – الحياة ويسر له عقلا نافعا وقلبا ناصعا وأرشده إلى أحلام يرجوها وكان – سبحانه وتعالى – به رحيما دائما ..في الابتلاء والسراء..فجعله يتجاوز المحن وألهمه الخروج من الشدائد إلى آفاق رحبة من الآمال والإنجازات .

**تغيرت الأحوال وخرائط البلدان..نشبت حروب ووقعت اتفاقيات سلام لكن أسرته البسيطة كانت متماسكة بالحب والقناعة والكفاح وقبلها حفظ القرآن الكريم من الأم وتلاوته وتجويده من الأب الذي كان يردد دائما عند الشدائد أن الله سبحانه ينشر رحمته على بيت يعيش ببركة القرآن .

**كانت أمراض العظام التي أصابته نعمة أخرى..بفضل مقاومتها نجح في اختصار رحلة التعليم ليكون أصغر طالب بالجامعة ومنحاه الفرصة الذهبية لتحقيق الحلم الكبير :الصحافة…رسالة وأمانة..اعتزاز بالنفس وانحياز إلى الحق والحقيقة ..أعطاها الإخلاص والصدق وكل الوقت فأعطته الشهرة والنجاح وكشفت له عن أسرارها وعلمته ملكاتها ..ثروة تراكمت لم تقدر بثمن  ولم يبخل بها على من يريد التعلم والتألق عبر الأجيال.

**اليوم يعيش على زاد التقدير المعنوي ونعمة الله -سبحانه وتعالى – وعونه الذي يمكنه من مواصلة العطاء بالذهاب إلى العمل والتواجد في الديسك -قلب الجريدة-بيته الأول لتربطه بالمكان أحداث وأفكار ودروس  جعلته من الرواد في مسيرة تجاوزت ال ٦٠ عاما..الديسك المكان الوحيد الذي يستعيد فيه الصحة والشباب..

**على صعيد الأسرة  : لم تتركه رفيقة العمر – سحابته الممطرة- رغم رحيلها إلى الرفيق الأعلى  بسبب مرض الفردوس..لازالت تطل عليهم يجدون في أوراقها وأفعالها ومقتنياتها حلولا ناجحة لكل الأزمات..الأبناء استكملوا حلمهم. استقروا بل برزوا في أعمالهم .. الأكبر محاسب ناجح..مسئول في أحد المصارف الكبرى..الأوسط ضابط شرطة عين ساهرة من أجل الوطن..الأصغر خبير بالكمبيوت  والاتصالات حضارة العصر الذكية..والابنة الوحيدة صحفية ناجحة تخاطب الشباب بقلم واع ومسئول ..صعدت إلى مكانة تستحقها وتعيش معه في المنزل..نسخة من أمها الراحلة سحابة ممطرة ..غزيرة العطاء  ..شديدة الوفاء ..تسهر عليه وتحنو عليه ..وتطمئن على أحواله بكل حب ووفاء..

**لم تنس في ذكرى ميلاده أن تكون التورتة العائلية شهية من صنع يديها ..مفاجأتها السارة تتكرر ..الاطمئنان عليه ..عطاء تجدد..وفي هذا اليوم السادس من مايو الذي صادف عيد جلوس الملك وصرفت أمه ٥ جنيهات هدية ..يسعى إلى محطة ينفرد فيها مع النفس..يدعو للذين رحلوا إلى خالقهم :الأب المكافح..الأم الطيبة..الشقيق الأصغر أكمد سعيد..والشقيقة الوسطى سلوى ..لحظة تبدأ بالسؤال الذي طرحه المتنبي “بأي حال عدت يا عيد” وتساؤل كامل الشناوي “عدت يا يوم مولدي..عدت أيها الشقي” بينما يتطلع إلى التورتة الشهية التي صنعتها الابنة الذكية والوفية وربما وهو يتناول نصيبه من التورتة ..تساءل على طريقة الفيس بوك “اليوم عيد ميلاد …شاركه في الاحتفال” ولأن عنده ٥٣٧ صديقا يسأل نفس السؤال لمن يتصادف احتفالهم اليوم.

الكاتب الصحفي صالح إبراهيم يكتب : في المحطة الـ ٧٨ .. التورتة الشهية ..بيد الابنة الذكية 1

الكاتب الصحفي صالح إبراهيم 

مدير تحرير أول بجريدة الجمهورية

Exit mobile version