البحث العلمى

اللدغة عند الأطفال.. الأسباب والعلاج

بقلم : الدكتور أيمن فرج البرديني

يعاني بعض الأشخاص خاصة الأطفال من اضطرابات مختلفة في النطق والكلام ، ومن هذه الإضرابات ما يعرف باللثغة – أو ما يسمى في العامية باللدغة – وهي مرض من أمراض الكلام يتمثل في عدم القدرة على إخراج الأصوات أو الحروف من أماكنها الصحيحة .

واللدغة لدى الأطفال من المشكلات التي تؤرق الكثير من أولياء الأمور ، وتسبب لهم الحيرة بشأن إيجاد الحلول المناسبة للتخلص من هذه اللدغة التي تسبب للطفل العديد من المشكلات والاضطرابات النفسية ، وتقلل من ثقته بنفسه ، وغالباً ما يصاحب هذه المشكلات والاضطرابات قلق وارتباك وشعور بالنقص والخجل ، وعدم القدرة على التوافق وتجعله دائم الرغبة بالانطواء والعزلة .

وقد تظل مشكلات التلفظ الصحيح مستمرة بعدما يكبر الطفل وتسبب له مشكلات مجتمعية متعددة وقد تحرمه من الالتحاق ببعض الوظائف مثل أن يكون مذيعاً أو ضابطاً أو معلماً أو غير ذلك ، على الرغم من كون التخلص من تلك المشكلة يحتاج فقط إلى بعض التدريبات التخاطبية للطفل وتوجيه بعض الإرشادات للوالدين .

تعريف اللدغة :

اللدغة هي إحدى أمراض الكلام والتي تؤدي إلى صعوبة في نطق صوت أو بعض الأصوات.

ومن أمثلتها :

١- اللدغة السينية :

تعد من أكثر عيوب النطق انتشاراً بين الأطفال حتى سن السابعة ، وهناك فئة تلازمها هذه العادة إلى أن تتاح لها فرصة العلاج الكلامى .

وصوت (س) هو (صوت احتكاكي – مهموس – أسناني لثوي) ولكي ينطق صوت (س) بطريقة صحيحة يتطلب أن يكون اللسان خلف حافة الأسنان الأمامية السفلى ويلامس طرف اللسان الأسنان بشكل خفيف مع انطباق تام للقواطع الأمامية ، حيث يخرج الهواء من الفم محدثا صوتا احتكاكيا ما بين اللسان واللثة ثم بين الأسنان العلوية والسفلية.

فإذا ما كان الطفل يعانى من اللدغة السينية فإنه يبدل هذا الصوت بأصوات أخرى كالثاء مثلاً أو الشين أو الخاء فى بعض الحالات وللدغة السينية انواع وهي كالأتي :

(أ) اللدغة بين السينية :

وفيها يصدر الطفل صوت السين …. ثاء (س)←(ث) ، فعندما ينطق كلمة مثل ساعة أو سكر فإنه ينطقها ثكر، ثاعة ، ويرجع السبب إلى خروج اللسان بين الأسنان وهنا لا يخرج الصوت من مكانه الصحيح فيخرج صوت السين من مخرج الثاء.

(ب) اللدغة السينية الجانبية :

وفيها يصدر المريض صوت السين…… شين (س)←(ش) ، فنسمع الكلمتين السابقتين (شكر – شاعة) بإبدال السين شين بحيث ينتشر تيار الهواء على جانبى اللسان بينما الوضع الطبيعى لصوت السين أن يمر الهواء فى تجويف ضيق بين اللسان الأسنان .

(ﺟ) اللدغة السينية البلعومية :

وفيها يصدر المريض صوت السين…… خاء (س)←(خ) ، وهي ناتجة عن احتكاك قاعدة اللسان مع الجدار الخلفي للبلعوم ، وهنا يجب التأكد من أن الطفل لا يعاني من الخنف وأن سبب اللدغة يرجع لعدم قدرة الطفل على التحكم في حركة لسانه.

٢- اللدغة الرائية

وهى تشكل نسبة أقل من المصابين باللدغة السينية ، وصوت الراء هو صوت ( سائل – مجهور – طبقي – تكراري ) وهناك طريقتين لنطق صوت الراء:

– الأولى : يكون اللسان مرتفعاً وقريباً من سقف الحلق .

– الثانية : يكون نصل اللسان مرتفعاً وقريباً من سقف الحلق وينخفض طرف اللسان.

وفى هذا النوع من اللدغة ينطق الشخص صوت الراء ينطقه بإحدى الصور التالية (ى – غ – ل) فعندما يطلب من المريض أن ينطق كلمة (سراب) فإنَّه ينطقها (سياب أو سغاب أو سلاب أو سواب ) وللدعة الرائية أنواع وهي كالتالي :

(أ) محذوفة . وفيها يحذف صوت (ر) من الكلمة ولا ينطق

(ب) مدغومة .وفيها يدغم صوت (ر) مع الصوت الذي يجاوره في الكلمة

(ﺟ) مقلوبة . وفيها ييقلب صوت (ر) ليصبح ي أو غ أو ل أو و

٣- تحويل الأصوات الخلفية إلى أمامية مثل (ك)←(ت) ، (ج)←(د)

وهذه الأصوات فى صورتها الصحيحة تنطق لسانية خلفية رخوة بمعنى أن ظهر اللسان يلامس بداية اللهاة أو نهاية سقف الحلق الرخو ولكن الشخص الذى يعانى من هذه اللدغة يخرج هذه الأصوات من مخرج آخر فتتبدل بأصوات أخرى.

مثلاً :

صوت الكاف فى كلمة (كتاب) ينطقها الشخص (تتاب) .

صوت الجيم فى كلمة (جزر) ينطقها المريض (دزر) .

صوت القاف فى كلمة (بقرة) ينطقها المريض (بترة) .

أسبــــــــــــاب اللدغة :

تعتبر اللدغة من بقايا التركيب الصوتي للغة وتتمثل أسباب اللدغة فيما يلي :

أولاً : الأسباب العضوية :

وهى تتمثل فى وجود عيب خلقى فى عضو من أعضاء النطق يجعله لا يؤدى دوره فى إخراج الأصوات بصورة طبيعية فيتعذر على صاحبه إخراج الصوت من مخرجه الطبيعى ويستبدله بصوت آخر ، ومن أمثلة هذه العيوب :

الشفة الأرنبية : وفيها نجد شقاً خلياً فى الشفة العليا أو السفلى وهذا يؤدى إلى عدم القدرة على نطق الحروف الشفاهية بصورة صحيحة وقد ينتج هذا الشق فى الشفة نتيجة إصابة الشفة بجرح قطعي .

عدم انتظام الأسنان من ناحية تكوينها الحجمى كبراً أو صغراً أو من حيث القرب أو البعد أو التطابق أو فقدان بعضها أو وجود اعوجاج أو تشويهات فى بعضها .

زيادة حجم الفك العلوى أو السفلى أو كسر فى أحدهما يؤدى إلى صعوبة فى حركة الفكين ما يؤدى بالتالى إلى عدم القدرة على نطق الأصوات نطقاً صحيحاً .

أن يكون اللسان لدى المريض غير قادر على أداء دوره فى إخراج الأصوات بصورة صحيحة وذلك نتيجة لكبر حجمه مثلاً فيؤدى هذا إلى بروزه خارج التجويف الفمى أو نتيجة لوجود شبكة تحت اللسان تعوق حركته الطبيعية أو نتيجة لإصابة أدت إلى تشوهات فى اللسان أو فقد جزء منه .

وجود شق خلقى فى منطقة من مناطق الحلق وهذا بدوره يؤدى إلى عدم إخراج الأصوات الحلقية من مخرجها الصحيح .

ثانياً : الأسباب الوظيفية :

ونعنى بها الأسباب المكتسبة من البيئة ويعتبر التعلم الخاطئ للصوت هو اهم أسباب اللدغة ومن أهم هذه الأسباب التقليد أو المحاكاة لشخص من المحيطين به والذين لهم دور فى إكسابه اللغة فى أولى مراحلها ويعانى هذا الشخص من لدغة فيكتسبها الطفل وينطق الصوت كما يسمعه .

أساليب التشخيص:

١- المقابلة الصوتية للمريض عن طريق حديثه حتى يمكن تحديد الأصوات التى يعانى من لدغة فيها .

٢- الفحص الإكلينيكى حتى نقف على أى أسباب عضوية قد تكون وراء هذه الظاهرة المرضية فى النطق .

أساليب العلاج :

على ضوء التشخيص يتحدد أسلوب العلاج المناسب فإذا كانت الأسباب عضوية فإن العلاج يتمثل فى التدخل الجراحى لتصحيح الصورة التشريحية لأعضاء النطق حتى تؤدى وظيفتها فى نطق الأصوات بصورة صحيحة .

أما إذا كانت اللدغة ناتجة عن أسباب وظيفية فإن العلاج يتمثل فى التدريبات اللغوية التى يتاح فيها للمريض أن يسمع الأصوات فى صورتها السليمة ويحاكيها وهذه التدريبات لازمة أيضاً إلى جانب العلاج الطبى لمن يعانى من لدغة لأسباب عضوية .

وأولى الخطوات فى هذه التدريبات هي الادراك الحسي للأصوات بأن يسمع المريض أخطاءه ،  ثم نتبع ذلك بتدريبه على نطق الصوت الذى يعانى فى نطقه بشكل صحيح وذلك باستخدام كافة المعينات الحسية والمرئية ، كأن يستعان فى ذلك بمرآة توضع أمامه أثناء التدريب حتى يقارن بينما يقوم به المدرب وما يقوم به هو من حركات أثناء النطق لهذا الصوت .

وعندما يستطيع اخراج الصوت مفرداً بشكل صحيح يتم استخدام الصوت في مقطع ثم في كلمة ، على أن يكون مرة فى أول الكلمة ومرة فى وسطها ومرة فى آخرها ، ثم في مقطع في جملة ثم في جملة تامة وقد نستخدم ما تعلمه في الكلام المحفوظ كالأغاني والأناشيد ، ويمكن أن تتقدم هذه التمرينات خطوة إلى الأمام بحيث يدير المدرب حواراً بينه وبين المريض فى مواقف عادية حتى يقف على مدى التحسن الذى حدث فى علاج اللدغة التى كان المريض يعانى منها .

و يحسن ألا تزيد مدة هذه الجلسة العلاجية عن 20 إلى 30 دقيقة وذلك حتى لا يتعرض المريض للإجهاد فيؤثر ذلك على طريقة نطقه للأصوات .

ومن المهم أن ننتبه إلى أن نجاح هذه التدريبات يتوقف إلى حد كبير على توفر الجو النفسى الملائم للمريض بمعنى أن نخفف من حدة الصراع النفسى لديه ولا نبالغ فى تصوير المشكلة التى يعانى منها وغير مقبول أبداً أن نتلقى نطق المريض لصوت من الأصوات بالسخرية أو الضحك على طريقة نطقه فإن لهذا أثره السلبى على العلاج فضلاً عما نتج عن هذا من شعور المريض بالنقص وميله إلى الانطواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.