تساؤلات حول إنتفاضة الأقصى.. بقلم : رئيس التحرير


طرحت تساؤلا على صفحتى بموقع ( الفيس بوك ) عن موقف ما يسمى ” فيلق القدس ” الإيراني من إعتداءات الصهاينة على الحرم القدسي ، ونشرت إجابة من واقع ما يجرى على الأرض العربية نصها أنه :” مشغول بقتل المسلمين في العراق وسوريا واليمن ولبنان” .
ورأيت أن أتوقف بالتحليل والتقييم لردود الأفعال التي أثارها الأصدقاء والقراء الاعزاء المتابعين لصفحتى لأنها تفضح الواقع المعاش وسوء الفهم لدى غالبية الشعوب العربية والاسلامية . والملاحظة الأولى أن الردود كانت في أغلبها غاضبة ناتجة عن قراءة متعجلة وقفت عند ظاهر التساؤل ، ولم تكلف نفسها مشقة الغوص في أعماقه ، فإرتضت أن تقذف الإتهامات التي بلغت أحيانا مستوى السباب بل والتخوين . وتعد القراءة السطحية غير الواعية مشكلة كبرى ارتبطت ولا تزال ترتبط بالغالبية العظمى من بني العرب ، وهي مصيبة كبرى خاصة عند صناع القرار وعند من يطلق عليهم إعلاميا النخبة لإنه بناء على القراءة غير الواعية يتم اتخاذ قرارات ومواقف أضرت ولا تزال تضر بشعوب الأمه. وهنا أذكر الجميع بقول الفيلسوف عباس محمو العقاد : ” اقرأ كتاباً جيداً ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاث كتب مفيدة “.
والملاحظة الثانية وهي لا تقل أهمية عن الأولى وهي : عندما طرحت السؤال حول فيلق القدس لم أكن أعني الشيعة أو السنة ولكن أعني الفصائل المسلحة التي ترفع راية الاسلام وتحمل مسميات للقدس أو بيت المقدس وكل عملياتها العسكرية بعيد كل البعد عن تحرير القدس أو حتى نصرة المسلمين ، ولكنها بالعكس تسلط سيوفها على رقاب المسلمين والاكثر غرابة أن إعمالهم الإرهابية وقتلهم للمسلمين الأبرياء يتم بالتنسيق مع أعداء الأمة وبسلاحهم . والحقائق على الأرض في العراق وسوريا وليبيا و والسعودية مصر واليمن والبحرين ولبنان تفضحهم وتعريهم.
والملاحظة الثالثة والتي تقطر بالمرارة تملثت في قذف التهم بالتقصير ومطالبة اللآخرين بالدفاع عن القدس نياية عنا ، وسبب المرارة أن غالبية العرب والمسلمين لا يفهمون البعد الحقيقي للصراع حول فلسطين وهو بعد في جوهره ديني عقائدي.
ويتمسك الصهاينة بالبعد العقائدي واخترعوا اساطير دينية واستندوا إليها لتوحيد انفسهم وتكريس احتلالهم لفلسطين ودفعهم للهيمنة علي بقية الشعوب..ومنها اقوال ديفيد بن غوريون احد مؤسسي دولة إسرائيل وأول رئيس حكومة لها: “ان الصهيونية تستمد وجودها وحيويتها من مصدر عميق وعاطفي دائم مستقل عن الزمان والمكان.. قديم قدم الشعب اليهودي.. هذا المصدر هو الوعد الالهي والأمل في العودة “. والمنطلق العقائدي كان دوما هو المحرك والمغذي لأجيالهم للحفاظ علي كينونتهم وبقائهم والذي يتمثل في بعض نصوص توراتهم المحرفة ومنها: “شلت يميني ان نسيتك يا أورشليم وليلتصق لساني بسقف حلقي – ان لم اذكرك – ان لم افضلك علي اعظم فرحي”. وتركونا نتقاتل مع بعضنا ونتنصل من مسئوليتنا بزعم انه صراع فلسطيني اسرائيلي أو على الاكثر صراع بين العرب واسرائيل وبالتالي خرجت الدائرة الإسلامية الكبرى من الصراع.
ويؤكد المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة أن الصراع حول فلسطين يرتكز على العقيدة ليس فقط للصهاينة بل هو الدافع الرئيسي لانصارهم في الغرب خاصة في امريكا . وقال د.عمارة في دراسة قيمه: ” المشروع الديني الإمبريالي تم تسويقه فى الأوساط اليهودية، فانعقدت الشراكة من أجل تنفيذه بين المسيحية الصهيونية الغربية، الحاكمة لفكر المؤسسات الإمبريالية الغربية وبين الحركة الصهيونية الحديثة”.
واستشهد د.عمارة بأدلة كثيرة أهمها أن عدد الكتب التي نشرت عن “المسيحية الصهيونية” في أمريكا ما بين سنة 1800 أو 1875 بلغ حوالي ألفي كتاب!،
وأنه فى عام 1866 أرسلت البروتستانتية الأمريكية أولى بعثات الاستيطان اليهودي فى فلسطين، يقودها قس يدعى آدم وبرفقته 150 قسيسا أمريكيا !.. وفى العام التالي ـ 1867 ـ قامت على أرض فلسطين أولى المستوطنات، بمشاركة 70 شخصية دينية من المسيحيين الصهاينة الأمريكان.
وأكد بالوثائق أن أمريكا اول من أيد وعد وزير الخارجية البريطاني بلفور الصادر في نوفمبر 1917باقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، ففى عام 1918 وبعد صدو إعلان بلفور بعدة أشهر ، أعلن الرئيس الأمريكي “وليسون التزام أمريكا بتنفيذ وعد بلفور.. ثم صادقت عليه إدارته رسميا 1922. وفى مايو عام 1948 م كانت أمريكا أول دولة اعترفت بقيام إسرائيل بعد دقائق من قيامها .
ولا يزال في العقل والقلب الكثير من التساؤلات والمرارات ، تضيف المساحة المتاحة عن البوح بها، ولكنني أختم بالتأكيد على أننا جميعا حكاما ومحكومين سنة وشيعة عرب وغير عرب مقصورون في حق ديننا وأوطاننا .
والجانب المضيئ الوحيد في الظلمات العربية والاسلامية هو صمود أهالي القدس ومؤيديهم من فلسطيني 48 العزل أمام الترسانة الحربية لقوات الاحتلال ، بل ان أسنة تلك الترسانة تكسرت بفعل إرادتهم الصلبة فتراجعت سلطات الإحتلال وأزالت البوابات الإلكترونية من أمام أبواب الأقصى.
وهو درس عملي يؤكد ان الشعوب يمكنها فعل الكثير إذا فهمت البعد الديني للصراع وسيتوقف التاريخ طويلا أمام صرخات سيدة فلسطينية في وجه جنود الاحتلال قائلة :” لن نهزم وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، قرآننا العظيم يؤكد انكم ستهزمون “.

Aboalaa_n@yahoo.com