
كتبت : د.هيام الإبس
يواصل مطار الخرطوم الدولي جهوده المكثفة في أعمال النظافة والصيانة، ضمن خطة متكاملة لإعادة تشغيل المطار واستقبال الطائرات في أقرب وقت ممكن.
وتأتي هذه التحركات في إطار استعدادات إدارة المطار لإعادة تأهيل البنية التحتية بعد الأضرار التي لحقت بها جراء الأحداث الأخيرة.
استمرار أعمال النظافة في مطار الخرطوم
أكدت مصادر مطلعة بمطار الخرطوم أن فرق متخصصة تعمل على مدار الساعة لتنظيف المدرج الرئيسي ومحيطه، حيث يجري إزالة الشظايا ومخلفات الخراب التي خلفتها العمليات العسكرية السابقة.
وتهدف هذه الخطوات إلى تأمين المدرج وضمان سلامته بشكل كامل لاستقبال الطائرات المدنية والعسكرية وفق المعايير الدولية.
جهود مكثفة لإعادة تشغيل المطار
تعمل الجهات المختصة بالتعاون مع فرق فنية وهندسية على تنفيذ خطة سريعة لإعادة تأهيل المطار، تشمل صيانة الإضاءة الأرضية، ومعالجة أي تلفيات في المدرجات والممرات، وفحص أنظمة الملاحة الجوية لضمان جاهزيتها عند استئناف الحركة الجوية.
وأشارت إدارة المطار إلى أن أعمال النظافة والصيانة تسير بوتيرة متسارعة بفضل تكاتف جهود جميع الجهات ذات الصلة، مشددة على أن أولوية العمل حالياً هي ضمان بيئة تشغيلية آمنة للطائرات والركاب.
استقبال الطائرات قريباً
وبحسب التصريحات الرسمية، يُتوقع أن يتم الانتهاء من أعمال التنظيف والصيانة خلال فترة وجيزة، مما سيمهد الطريق أمام عودة الرحلات الجوية تدريجياً.
ولفتت المصادر إلى أن هناك اتصالات مكثفة مع شركات الطيران العاملة في السودان لتنسيق عمليات استئناف الرحلات وفق جدول زمني يتم الإعلان عنه لاحقاً.
أهمية عودة مطار الخرطوم للخدمة
ويمثل مطار الخرطوم الدولي شريانًا حيوياً للنقل الجوي في السودان، وإعادة تشغيله ستسهم في تسهيل حركة المسافرين ونقل البضائع، ودعم الاقتصاد الوطني الذي تأثر جراء توقف المطار لفترة طويلة.
كما يعكس هذا الجهد رغبة الدولة في استعادة استقرار المرافق الحيوية بشكل تدريجي.
خطة أمنية متكاملة
تزامنًا مع أعمال النظافة والصيانة، يجري تنفيذ خطة أمنية محكمة لتأمين محيط المطار ومرافقه، بما في ذلك تشديد الإجراءات على مداخل ومخارج المطار لضمان عدم تعرضه لأي تهديدات قد تعيق جهود إعادة التشغيل.
رؤى مستقبلية
من جانبها، تخطط السلطات إلى تطوير مرافق المطار بشكل أكبر بعد استئناف التشغيل، من خلال تحديث أنظمة الملاحة، وتوسيع صالات السفر والوصول، وتحسين الخدمات المقدمة للمسافرين، بما يواكب متطلبات المرحلة المقبلة.
مليشيا الدعم السريع تُرهب المنظمات الأجنبية
فرضت ما تُعرف بـ«الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية» التابعة لمليشيا الدعم السريع بولاية غرب دارفور، مجموعة جديدة من القيود على عمل المنظمات الأجنبية والوطنية العاملة في المجال الإنساني، بزعم الحد من المخاطر الأمنية المتزايدة التي تواجهها هذه المنظمات في المنطقة.
وجاءت هذه الإجراءات في أعقاب سلسلة من الاعتداءات والهجمات التي استهدفت فرق الإغاثة خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما عمّق من المخاوف المتعلقة بسلامة العاملين في المجال الإنساني.
اعتداءات دامية وعمليات نهب تطال فرق الإغاثة
وفى سابقة خطيرة، تعرض فريق تابع لمنظمة «هاندي كاب» الفرنسية لهجوم مسلح في يونيو الماضي، أعقبه مقتل سائق يعمل لدى منظمة «كونسيرن» في حادث منفصل، ولم تتوقف الاعتداءات عند هذا الحد، بل شهدت المنطقة موجة من عمليات النهب الواسعة التي
استهدفت ممتلكات المواطنين، نُسبت إلى مسلحين يُعتقد أنهم يتبعون لمليشيا الدعم السريع، مما زاد من تأزم الوضع الأمني ودفع المنظمات إلى دق ناقوس الخطر.
قيود صارمة على حركة الفرق الميدانية
شددت الوكالة التابعة للمليشيا في منشور رسمي وجهته للمنظمات الإنسانية على ضرورة الالتزام بضوابط الحركة المشددة. وقررت حظر تنقل الفرق الميدانية بعد الساعة الخامسة مساءً، ومنعت دخول أو خروج الموظفين الأجانب عبر الحدود خلال أيام العطلات الرسمية، مبررة هذه القيود بأنها تهدف لتقليص فرص التعرض للمخاطر في الأوقات التي تشهد ضعف التنسيق الأمنى.
التنسيق المسبق مع الوكالة شرط أساسي لأي نشاط ميداني
أوضحت الوكالة في تعليماتها الجديدة ضرورة التنسيق المسبق مع الجهات التابعة لها قبل إجراء أي لقاءات مع رئيس الإدارة المدنية في الولاية أو تنفيذ أي نشاط ميداني، بحجة ضمان تنظيم العمل وتفادي ما وصفته بـ«التجاوزات» التي قد تؤثر على سير العمليات الإنسانية.
دارفور تحت رحمة المنظمات وسط انهيار الدولة
تعتمد ولاية غرب دارفور بشكل شبه كامل على المنظمات الأجنبية لتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية، في ظل الانهيار شبه الكامل للبنية التحتية الحكومية نتيجة الصراع المسلح وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتأتي هذه القيود لتضاعف من التحديات الجسيمة التي تواجهها المنظمات في الوصول إلى المجتمعات المتضررة، وسط دعوات دولية ومحلية متصاعدة لتوفير بيئة آمنة تُمكّن فرق الإغاثة من أداء مهامها دون تهديدات.
تقسيم السودان على مؤشر وزاري
من جهةأخرى. يدور خلاف في أروقة حكومة بورتسودان بشأن توزيع الحقائب الوزارية على حلفاء الجيش من القوى المسلحة في دارفور.
وبينما تتفاوض حركتا العدل والمساواة وجيش تحرير السودان (حركتان مسلحتان في دارفور وقعتا اتفاق سلام جوبا) للاحتفاظ بمواقعهما الوزارية في الحكومة التي يشكلها كامل إدريس، تسعى قوى أخرى موقعة على الاتفاق لإعادة توزيع الحقائب، بالنظر إلى واقع البلاد الجديد.
واتفاقية سلام جوبا وُقّعت في 3 أكتوبر 2020 في عاصمة جنوب السودان، بين الحكومة الانتقالية السودانية وعدد من الحركات المسلحة، بهدف إنهاء عقود من الصراعات في السودان.
وتضمنت الاتفاقية العديد من البروتوكولات والبنود التي تحدد الاستحقاقات الدستورية لتمثيل الحركات الموقعة، ومن بينها مواقع في السلطة التنفيذية ومقاعد في البرلمان المؤقت.
وقبل اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 2023، شغل رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، منصب وزير المالية، بينما يشغل رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، منصب حاكم إقليم دارفور، مع احتفاظ حركته بمنصب وزير المعادن، ممثلاً ببشير أبو نمو، أحد أبرز قيادات حركة مناوي.
وفقد الجيش عملياً سيطرته على غالبية أراضي إقليم دارفور، ومن بين خمس ولايات تشكل غرب السودان، يحتفظ الجيش بولاية شمال دارفور وعاصمتها الفاشر، بعد فقدانه السيطرة على أربع ولايات: الغرب، الجنوب، الوسط، والشرق.
واتخذت قيادة الجيش مسافة من الأزمة دون تدخل، ما فسّره مراقبون باعتباره تنصلاً من التزاماتها مع حلفاء فقدوا أوزانهم السياسية.
وقال مراقبون إن الجيش لم يعد بحاجة إلى منح الحركتين أوزاناً سياسية وعسكرية، خصوصاً في ظل ترنّح الفاشر المحاصَرة من قبل قوات الدعم السريع، وكذلك فقدان الجيش السوداني لمنطقة المثلث الحدودية الاستراتيجية بين السودان ومصر وليبيا.
ورجّح المراقبون أن تدفع هذه الوضعية حركتي العدل والمساواة وجيش تحرير السودان إلى “غسل أيديهما” من التحالف مع الدولة المركزية القديمة التي يمثلها الجيش السوداني في الوقت الراهن، ما قد يُسرّع انفصال إقليم دارفور وتقسيم السودان.
وللسودان خبرة سابقة مع التقسيم؛ فبعد عقود من الصراعات الأهلية المريرة التي خلّفت ملايين الضحايا، وصلت الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى نقطة اللا عودة، حيث وقّع الطرفان على اتفاقية السلام الشامل عام 2005، مهدت الطريق أمام استفتاء تاريخي عام 2011، صوّت فيه الجنوبيون بأغلبية ساحقة للانفصال، لتُعلن بذلك ميلاد جمهورية جنوب السودان.
ورأى القيادي بالتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة السودانية “صمود”، عروة الصادق، أن مستقبل تحالف حركات دارفور مع الجيش السوداني مرهون باعتبارات مصلحية بحتة، وصفقات مالية خاصة، ومؤسسات ربحية .
وقال إن “ما يُسمّى بتحالف حركات دارفور لا يقوم على رابطة عضوية أو أيديولوجية أو حتى ميدانية مستقرة، بل يتشكل وفق توازنات مرحلية تتغير بتغير خارطة النفوذ والامتيازات؛ حين تضمن هذه الحركات، أو بعضها، نصيباً مرضياً من السلطة، تتماهى مع المركز وتتماهى أحياناً مع السلطة العسكرية، أما إذا أحسّت بالتهميش أو التراجع عن مكتسباتها، فسرعان ما تعود إلى لغة الرفض وربما التمرّد والتلويح بالبدائل المهددة لسلطة بورتسودان همزاً ولمزاً”.
وأضاف: “هذه الحركات لم تُعلن بعد انحيازها لتحالف الدعم السريع، رغم نداءات قائده وتلميحه بأن الباب مفتوح أمامهم، إلا أن الفجوة بينها وبين الأخير لا تزال واسعة لأسباب بنيوية ومناطقية.
وأشار إلى أن قوات الدعم السريع تمتلك امتداداً اجتماعياً وعسكرياً واسعاً في دارفور، وتخاطب ذات القاعدة الاجتماعية التي ادّعت هذه الحركات تمثيلها لعقود.
وقال الصادق إن تحالف حركات دارفور مع الجيش السوداني ليس تحالفاً وطنياً بقدر ما هو زواج مصلحة قابل للطلاق في أي لحظة، مضيفاً بأنه تحالف هشّ تحدده مصالح النخب، وتتحكم فيه حسابات محاصصة لا مبادئ .
وشدّد على أن “كل السيناريوهات تظل مفتوحة، من أقصى درجات التنسيق إلى احتمال الحرب، بحسب ما تفرزه تطورات الميدان وتقاسم النفوذ”، على حد قوله.
ليبيا تُطارد السودانيين في أراضيها
أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بمدينة الكفرة الليبية عن ترحيل (172) مواطنًا سودانيًا، في خطوة وصفها مراقبون بالقاسية وغير الإنسانية، خاصة في ظل تصاعد أعداد اللاجئين السودانيين الفارين من جحيم الحرب داخل البلاد. وأكدت مصادر مطلعة أن المرحّلين تمت إعادتهم قسراً إلى السودان عبر مثلث الكفرة الحدودي، دون توفير الحد الأدنى من الرعاية، رغم تدهور أوضاعهم الصحية والمعيشية.
ويأتي هذا التطور في وقتٍ سابقٍ كان قد شهد فيه شهر مايو الماضي وصول نحو (700) سوداني إلى المنطقة الحدودية، بعد أن تم ترحيلهم في شاحنات تابعة للجهاز الليبي، وتم استقبالهم آنذاك من قبل المدير التنفيذي لمحلية المثلث وعدد من قادة الجيش السوداني، إلى جانب ممثلين عن القوة المشتركة وزعماء أهليين من المنطقة.
ووفق بيان رسمي صادر عن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بتاريخ 6 يوليو 2025، فإن قرار الترحيل جاء بناءً على توجيهات اللواء صلاح محمود الخفيفي، ضمن حملة تستهدف الأجانب المتواجدين داخل الأراضي الليبية بطرق غير شرعية، أو أولئك الذين صدرت بحقهم تقارير أمنية، وذلك بالتوازي مع ما وصفه البيان بـ”مكافحة ظواهر التهريب والهجرة غير النظامية”.
وفي ظل هذه الإجراءات، تواجه مدينة الكفرة الليبية أزمة إنسانية خانقة، إذ تشير تقارير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن أكثر من (100,200) لاجئ سوداني وصلوا إلى ليبيا منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، من بينهم نحو (48,751) لاجئًا فقط تم تسجيلهم رسمياً لدى المفوضية. ويتركز غالبية هؤلاء في مدينة الكفرة، التي تحولت إلى نقطة تجمع رئيسية للاجئين.
وقدرت السلطات المحلية في الكفرة عدد اللاجئين السودانيين الموجودين بالمدينة حتى الآن بنحو (65,000) لاجئ، مع تدفق يومي يراوح ما بين (300) إلى (400) لاجئ، وهو ما فاقم الضغط على الموارد المحدودة والبنية التحتية الضعيفة أصلاً.
ويؤكد مراقبون أن الكفرة أصبحت عاجزة فعلياً عن استيعاب المزيد من الوافدين في ظل غياب الدعم الدولي، ووسط تجاهل واضح من المؤسسات الإنسانية الكبرى.