السودانشئون عربية

تقافم معاناة النازحين السودانيين في رمضان.. صيامٌ على وجبة واحدة بسبب قلة الطعام

أوضاع إنسانية صعبة في معسكرات اللاجئين السودانيين

بقلم: د. هيام الإبس

قبل ساعتين من أذان المغرب، تصطف النساء وأطفالهن في طوابير طويلة ومتعرجة للحصول على وجبة إفطار رمضان داخل مركز إيواء النازحين في مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان. هذا المشهد يتكرر يوميًا، مع اختلاف بسيط في نوع الوجبة التي غالبًا ما تتكون من عصيدة الذرة أو القراصة مع ملاح الويكة، وهي الأصناف المفضلة لدى السودانيين خلال رمضان.

تحديات تحضير الطعام في بورتسودان

تبدأ النساء منذ منتصف النهار في إعداد الطعام لنحو 500 شخص من النازحين المقيمين في المركز، بينهم عدد كبير من الأطفال. وتُعد هذه وجبتهم الوحيدة في اليوم، حيث لا يتمكن كثير من الصائمين من الحصول على الوجبة لنفاد الكمية.

قال أحد النازحين إن الأوضاع في رمضان السابق “كانت أفضل بكثير من هذا العام”، مشيرًا إلى تراجع الدعم من فاعلي الخير والمنظمات. وأضاف: “كنا نحصل على مساعدات من الداخل والخارج، بالإضافة إلى المعونات من سكان المناطق القريبة، لكن هذا العام شهد تراجعًا كبيرًا”، وفقًا لتصريحات أدلى بها لصحيفة الشرق الأوسط.

تقافم معاناة النازحين السودانيين في رمضان.. صيامٌ على وجبة واحدة بسبب قلة الطعام 2

وجبة واحدة في اليوم وصعوبة الحصول على الغذاء

تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 17 ألف نازح يتوزعون على 55 مركزًا للإيواء منذ اندلاع الحرب، ولم تتقلص الأعداد رغم استعادة الجيش السوداني بعض المناطق في الجزيرة وأجزاء من الخرطوم بحري. لكن دور الإيواء لا تزال تعج بالنازحين، ومع تراجع الدعم الإنساني، بات الكثير منهم يعانون من سوء التغذية، خصوصًا النساء الحوامل، الأطفال، وكبار السن.

وفي مدينة مروي، حيث أنشأت منظمة إنسانية محلية مركزًا لتوزيع الطعام والأدوية، أوضح أحد المشرفين: “نسمع يوميًا صراخ الأطفال الجوعى، فهم بحاجة إلى وجبة الإفطار أو المال لشرائها”. وأضاف أن بعض الأمهات يلجأن إلى بيع الشاي والطعام في الأسواق، بينما تعمل أخريات في الخدمة المنزلية لتوفير الحد الأدنى من الغذاء لأسرهن.

المعاناة تتفاقم في معسكرات اللاجئين السودانيين في إثيوبيا

مع بداية شهر رمضان، واجه اللاجئون السودانيون في إحدى أكبر معسكرات اللاجئين في إثيوبيا ظروفًا إنسانية قاسية، حيث يحصل كل فرد على 13.5 كجم من القمح أو الأرز وبعض الإمدادات البسيطة شهريًا. ولكن هذه الكمية لا تكفي لتلبية احتياجات الصيام.

إلى جانب نقص الغذاء، يعاني اللاجئون من هجمات مسلحة متكررة ونهب من قبل مجموعات إثيوبية، وسط تقارير تشير إلى استهداف الأطفال للاختطاف مقابل فدية. ففي معسكر أفتيت في إقليم أمهرة، تعرض اللاجئون في فبراير الماضي لهجوم مسلح أدى إلى إصابة خمسة لاجئين سودانيين، اثنان منهم في حالة حرجة.

انتهاكات مستمرة وخطر أمني متزايد

وفقًا لتقارير سودانس ريبورترس، تعرض اللاجئون في معسكر أفتيت لسلسلة من الانتهاكات، شملت 360 حالة عنف مسجلة، بما في ذلك حالتا قتل عمد، و46 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، والعديد من الإصابات جراء جرائم السرقة والاعتداء الجسدي.

يشير بعض اللاجئين إلى أن قرب المعسكر من الحدود السودانية فتح المجال أمام عناصر استخباراتية سودانية لجمع المعلومات عن اللاجئين، خصوصًا من لديهم انتماءات سياسية. كما أن بعض العائلات السودانية اضطرت إلى مغادرة المخيم قبل رمضان بسبب التهديدات الأمنية ونقص الغذاء.

تحديات إضافية في ظل موسم الأمطار

مع اقتراب موسم الأمطار، يخشى اللاجئون من تفاقم الأوضاع الصحية، خاصة مع تكرار تفشي الأمراض مثل الكوليرا، والتي أودت بحياة عدد من اللاجئين في العام الماضي. وأوضح أحد سكان معسكر أفتيت أن تقليص المساعدات مع تزايد عدد اللاجئين يزيد من معاناتهم، حيث تم تقليص حصة الأطفال الغذائية، ونقص المساعدات الصحية.

أرقام وإحصائيات حول الأزمة

وفقًا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فقد عبر أكثر من 60 ألف لاجئ سوداني الحدود إلى إثيوبيا منذ أبريل 2023، بينهم 38 ألف لاجئ خلال العام الحالي. وتعرض اللاجئون في إقليم أمهرة لانتهاكات مختلفة، شملت الاختطاف، العمل القسري، والقتل العشوائي، وسط استمرار الصراع بين القوات الحكومية وميليشيات فانو، التي تدعمها قوات الحكومة الفيدرالية.

ختام

مع استمرار الحرب في السودان، وتراجع الدعم الإنساني، يعاني آلاف النازحين واللاجئين من نقص الغذاء، سوء الأوضاع الصحية، والتحديات الأمنية. ورغم الجهود التي تبذلها بعض المنظمات الإنسانية، فإن الاحتياجات الأساسية خلال شهر رمضان لا تزال بعيدة عن التغطية الكافية، مما يزيد من المعاناة اليومية للنازحين داخل السودان وخارجه.

كلمات مفتاحية: النازحون السودانيون، اللاجئون السودانيون، معسكرات الإيواء، أزمة السودان، المساعدات الإنسانية، أوضاع رمضان، سوء التغذية، الحرب في السودان، معاناة اللاجئين، السودان وإثيوبيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.