جريمة جديدة للدعم السريع تستهدف سجن ومستشفى الأبيض ومقتل 21 مدنياً

الحكومة السودانية تدين الهجوم وتصفه بالجريمة مكتملة الأركان..
والدفاع المدني يسيطر على حرائق بورتسودان بالكامل
كتبت : د.هيام الإبس
تواصل ميليشيا الدعم السريع، استهدافها الممنهج للبنية التحتيتة والمدنيين ومعسكرات النازحين، دون أى اعتبارات إنسانية، وآخرها استهدافها لسجن ومستشفى الأبيض فى ولاية شمال كردفان بطائرة مسيرة، والذى خلف ورائه العديد من القتلى وعشرات المصابين.
تصدت المضادات الأرضية للجيش السوداني، في كل من بورتسودان وعطبرة، شرق وشمال السودان، لطائرات مسيرة حلقت في سماء المدينتين اليوم الأحد، وعلى مدى سبعة أيام متواصلة تهاجم الطائرة المسيرة، التي تطلقها قوات الدعم السريع، العاصمة الإدارية المؤقتة مدينة بورتسودان، على ساحل البحر الأحمر، كما تستهدف بالتزامن عدداً من المدن الأخرى في المناطق الخاضعة للجيش، من بينها عطبرة وكسلا والأبيض.
وأدت الهجمات المتكررة للطيران المسير على ميناء السودان، بمدينة بورتسودان، إلى خسائر فادحة، لاسيما في جانب الوقود، إذ اشتعلت الحرائق في مستودعات البترول الرئيسية للبلاد منذ اليوم الأول للهجوم في الرابع من مايو الجارى، ولا تزال النيران مشتعلة حتى اليوم مع محاولات إخمادها من قبل قوات الدفاع المدني.
أمس السبت، تسبب هجوم للدعم السريع بواسطة المسيرات على السجن المركزي في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، في مقتل نحو 21 نزيلاً، وإصابة 47 آخرين، كما تسببت هجمات سابقة خلال الأسبوع الماضي في مقتل مدنيين في كل من أم درمان وعطبرة.
من جهته قال، خالد الأعيسر، وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة السودانية، إن استهداف ميليشيا الدعم السريع، لسجن الأبيض ومستشفى المدينة، باستخدام الطائرات المسيّرة، جريمة حرب مكتملة الأركان.
وأضاف: “ويعد ما جرى في سجن مدينة الأبيض جريمة حرب مكتملة الأركان، تضاف إلى سجل الميليشيا وداعميها الحافل بالانتهاكات ضد المدنيين السودانيين”. وتابع فى بيان له ندين هذا العمل الإرهابي بأشد العبارات، ونسأل الله أن يتقبل الشهداء بواسع رحمته، ويمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل.
ومن جهته قال مدير الدفاع المدني السوداني الفريق عثمان العطا في تصريحات صحفية، الأحد إن قوات الدفاع المدني احتوت حرائق مدينة بورتسودان التي وقعت جراء استهداف قوات الدعم السريع للمستودعات الاستراتيجية ومرافق أخرى، وظلت الحرائق مشتعلة منذ الثلاثاء الماضي في المستودعات الاستراتيجية للوقود والمستودعات المملوكة للقطاع الخاص في بورتسودان، وتصاعد دخان كثيف تسبب في إخلاء بعض المساكن في حي ترانسيت القريب من هذه المستودعات.
وأكد مدير قوات الدفاع المدني أنه تمت السيطرة تماماً على كل الحرائق بالمستودعات الاستراتيجية والمواقع المختلفة ببورتسودان، مشيراً إلى أن العمل انجز في ظل ظروف بالغة التعقيد لوجود مخزونات نفطية بكميات كبيرة.
وأوضح أن فرق الإطفاء استخدامت مواد رغوية كثيفة بزوايا محددة وفق خطة عمل محكمة ومجهودات كبيرة بذلتها قوات الدفاع المدني.
ومع دخول الحرب السودانية عامها الثالث تسيدت الطائرات المسيرة ساحة العمليات العسكرية، ونقلت المواجهات إلى مرحلة أخطر، حسبما يرى مراقبون، في حين يتخوف محللون سياسيون وعسكريون أن تطيل حرب المسيرات من أمد الحرب، وتحول السودان بأكمله إلى ساحة للمعارك.
ووجدت الهجمات عن طريق الطائرات المسيرة إدانات إقليمية ودولية وأممية تطالب بإيقافها فوراً، وعدم التعرض للبنية التحتية للبلاد بالتخريب، والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى الداخل دون عوائق.
خبير عسكري: التقدم الميداني للجيش غرباً يقلل مخاطر المسيرات
لليوم السابع على التوالي، لم تتوقف المسيرات في التحليق المكثف في فضاءات عطبرة وبورتسودان، وبات المواطنون يترقبون وصولها عندما ترمي خيوط الليل في التلاشي قبل دقائق قليلة من الفجر.
جرى توزيع المضادات الأرضية بواسطة الجيش والقوات المساندة بالمدن المستهدفة بالمسيرات طوال الأسبوع الماضي، وأدى رفع درجة التحوط العسكري والأمني إلى خفض مخاطر هذه الطائرات الصغيرة الحجم والمصنعة بالصين.
يضع الخبير العسكري والباحث في أكاديمية الأمن اللواء معتصم جديد، عدداً من الحلول إزاء التعامل مع الطائرات المسيرة بتطوير الدفاعات الجوية والأنظمة العسكرية القادرة على رصد الطائرات الصغيرة والتعامل مع الأسراب القادمة في توقيت واحد، ويمكن إبطال مفعولها قبل وصول حدود المدن في المناطق الخلوية الخالية من السكان.
كما يعتقد جديد، أن الحل على الأرض في تقدم القوات المسلحة إلى إقليم كردفان ودارفور، والدخول إلى مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور المركز اللوجستي والعسكري لقوات حميدتى.
انحسرت الخسائر الناتجة عن هجوم المسيرات على مدينة بورتسودان خلال اليومين الماضيين جراء التعامل العسكري مع الأسراب التي تغزو المدينة الساحلية، كما أن إطلاق مسيرة ذكية قد تكون مغامرة كونها تباع بأسعار باهظة في السوق العالمي للسلاح، اللافت أيضاً في الآثار المترتبة عن هجمات بورتسودان، عدم وجود حالات إجلاء متعددة للبعثات الدبلوماسية منذ إعلان السفارة الصينية لرعاياها مغادرة الأراضي السودانية وذلك على مستوى الأفراد.
“المسيرات” على بورتسودان تتعمد إلحاق أكبر قدر من الخسائر وشل الحياة العامة
فى السياق ذاته ، يقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد عباس، إن الهجمات التي تنفذها طائرات بلا طيار “المسيرات” على بورتسودان تتعمد إلحاق أكبر قدر من الخسائر وشل الحياة العامة وتضييق الخناق على الحكومة وإمدادات الوقود التي تغذي جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الوقود المستخدم في العمليات العسكرية.
ويرى عباس أن القوات المسلحة إلى حد ما تمكنت من امتصاص الصدمة الناتجة عن هجوم المسيرات، والدليل على ذلك انفراج أزمة الوقود في جميع الولايات الآمنة بما في ذلك العاصمة المؤقتة بورتسودان.
وأضاف: “في الوقت ذاته، جعلت هذه المسيرات تتصاعد نحو إيقاف الحرب، سواء من منظمات المجتمع المدني أو المجتمع الدولي لأن جميع الإدانات الصادرة طالبت بالذهاب نحو وقف النزاع المسلح لإنهاء المعاناة التي تلاحق الشعب السوداني منذ عامين”.
وحول إمكانية إبطال مفعول الطائرات المسيرة، يجيب عباس على هذا السؤال بالقول إن الأولوية العمليات العسكرية خلال حرب السودان عادة ما تنتقل إلى مرحلة الذروة، ثم تتراجع أو تنهار. وفق هذه الاستراتيجية يتعامل الجيش مع المسيرات التي تهدد المدن شمال وشرق البلاد.
ومع تصاعد حالة التوترات شرق البلاد بسبب المسيرات بالتحليق الكثيف يومياً طوال الأسبوع الماضي، علقت قوات الدعم السريع بالتزامن مع ارتفاع الهجمات مشيرة إلى أن قادة الجيش لن يكونوا في أمان لأن هذه الهجمات ستلاحقهم أينما كانوا.
ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد عباس إن الخسائر الناتجة عن هجوم المسيرات في عطبرة وبورتسودان وكسلا ومروي ودنقلا تفوق 700 مليون دولار خلال الفترة بين شهري أبريل ومايو 2025، خاصة في مستودعات الوقود والبنية التحتية للكهرباء إلى جانب الخسائر العسكرية.
ويتفق عباس مع التحليلات التي تشير إلى أن هجمات بورتسودان انعكست على مركز القرار داخل الجيش، بإعلاء رغبة وقف الحرب.
طالما أن “سياسة المدن الآمنة” تتعرض للتهديد من المسيرات.
ويختم الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد عباس حديثه قائلًا: إن هجمات بورتسودان ستؤدي إلى تطورات جديدة على الساحة العسكرية والسياسية، لأن استمرار المسيرات يهدد بانهيار المناطق الآمنة، مرجحاً اتخاذ قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إجراءات جديدة خلال الشهرين القادمين على أقل تقدير.