الصراط المستقيم

رسائل النور في رمضان 6

الرسالة السادسة: لذة القرآن

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، وجعله نورًا وهدًى ورحمةً للمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الذي كان قرآنه حياةً لقلبه، ونورًا يسري في أنفاسه، وسلوى في لياليه.

 

كلام الله.. حياة القلوب

أيها الصائم، هل شعرت منذ بدء رمضان بلذة القرآن وهو يسري في روحك؟

هل جلست تتلو آياته فتشعر أن قلبك ينبض بها؟ وأن كل كلمة فيه تخاطبك أنت، تخبرك أن الله قريب، وأن رحمته تسبق غضبه، وأن بابه مفتوح لمن أراد أن يعود؟

 

لقد نزل هذا الكتاب العظيم في شهر رمضان المبارك، في ليلةٍ هي خيرٌ من ألف شهر، ليكون منهاجا للحياة، لا مجرد كلماتٍ تُقرأ، ولا أصواتٍ تُرتل، بل ليكون روحًا تسري في قلوبنا، وتعيد لنا الحياة بعد طول التيه والضياع.

قال الله تعالى:

﴿شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًۭى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: 185).

 

فيا عبد الله، كيف تحيا رمضان دون أن تجعل القرآن رفيقك؟ كيف تصوم نهارك، ثم تُهمل أعظم ما نزل فيه؟

 

القرآن.. ربيع القلوب

إن كل آيةٍ في القرآن بستان، وكل سورةٍ منه جنّة، فمن لم يتنعم به، فكيف يجد في قلبه الطمأنينة؟

يقول النبي ﷺ:

“إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ” (رواه مسلم).

فإن كنت تريد أن يرفعك الله، فاجعل للقرآن في قلبك مقامًا، واملأ شهرك هذا بتلاوته، فإن لم تستطع أن تختمه- وهو أمر يسير في هذا الشهر المبارك-، فاجعل لك وردًا يوميًا لا تتركه، وإن لم تقدر على ذلك، فاجعل في قلبك نيةً صادقةً أن تعيش به وتعمل بأحكامه، فإن الله يجزيك بنيتك ما دمت صادقًا في طلبه.

 

هل جرّبت أن تخاطب الله بآياته؟

إذا ضاقت بك الدنيا، فاقرأ: ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ۝ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ﴾ (البقرة: 155-156).

إذا شعرت بالوحدة، فاقرأ: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ﴾ (الواقعة: 85).

إذا غلبتك الذنوب، فاقرأ: ﴿قُلْ يَٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ﴾ (الزمر: 53).

إذا أردت الطمأنينة، فاقرأ: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ ٱللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ﴾

(الرعد: 28).

فأيّ نورٍ أعظم من هذا؟ وأيّ كلامٍ أصدق من كلام الله؟

 

رسالتك اليوم

اجعل لنفسك موعدًا يوميًا مع القرآن، ولو صفحة واحدة، اجعلها خلوةً بينك وبين الله، تفتح بها قلبك لنوره، وتستضيء بها في دربك.

واحرص ألا يكون رمضان شهر المصاحف المغلقة، بل اجعلها مفتوحةً في قلبك قبل يديك، فإن هذا الكتاب هو سبب عزّنا، ونور دربنا، ومفتاح سعادتنا في الدنيا والآخرة.

“القرآن بستان القلوب، وجنّة الأرواح، فمن لم يتنعم به، فكيف يجد في قلبه الطمأنينة؟ اجعل رمضان شهر القرآن، وافتح له قلبك قبل يديك.”

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وذهاب همومنا، وجلاء أحزاننا، واجعلنا من أهله الذين هم خاصتك وأولياؤك.

 

✒️ وسام عبد الوارث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.