الصراط المستقيم

صيام الست من شوال ..وماذا لو إنتهى شوال؟

كتب : د/ محمد النجار

صيام ستة أيام من شهر شوال تأتي بعد فريضة رمضان هي سنّة مستحبّة وليست بواجب ، ولها فضل عظيم ، وأجر كبير، ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

” من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر . ” رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وقد فسّر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفضل بقوله :
” من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) .
” وفي رواية :
” جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة ” النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب 1/421
ورواه ابن خزيمة بلفظ :
” صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة ” .

وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية : بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضا ، وإلا فإنّ مضاعفة الأجر عموما ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها .

فوائد هامة :

وإن من الفوائد المهمّة أيضا للصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبا في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال صلى الله عليه وسلم : ” إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم ” رواه أبو داود .

متى نبدأ صوم الستة أيام من شوال ؟

يمكننا بدء صوم الستة ايام من شوال ابتداء من ثاني يوم من شهر شوال ، لأنه لايجوز صوم يوم العيد ،لأنه يوم فرح للمسلمين .
ولكن لايلزم ان يبدأ صيام الأيام الستة من ثاني يوم من شهر شوال ، ولا يلزم ان يكون الصيام أيام متتالية في شهر شوال ، وانما ستة ايام في شهر شوال سواء كانت من ثاني ايام شوال أو كانت متفرقة وغير متتالية حسب ما يتسر .

هل يبدأ صيام الست من شوال قبل قضاء الايام التي تم الافطار فيها من رمضان؟

يتضح من الحديث النبوي الشريف أن صيام ست من شوال متعلق بإتمام صيام رمضان على الصحيح ، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) رواه مسلم (1164)
فقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ثم ” حرف عطف يدل على الترتيب والتعقيب، يدل على أنه لا بد من إتمام صيام رمضان أولا ( أداءً وقضاءً ) ، ثم يكون بعده صيام ست من شوال، حتى يتحقق الأجر الوارد في الحديث .

فمن صام جزءا من رمضان ، وجاء عليه شهر شوال معناه أنه لم يتم صيام شهر رمضان ، ويقال انه صام بعض رمضان وعليه استكمال صيام شهر رمضان حتى ينطبق عليه الحديث (من صام رمضان- أي كل رمضان)، وعليه يترتب أن يتم صيام شهر رمضان كاملا ثم يصوم الست من شوال حتى يكتسب الاجر الوارد في الحديث الشريف .

ماذا لو حدث عذر شرعي لم يتمكن معه استكمال صيام الست من شوال؟؟

لو تعرض الانسان لظرف شرعي منعه من استكمال صيام الست من شوال مثل اصابته بمرض لم يتمكن معه الصيام في شهر شوال ، أو تكون المرأة نفساء وتقضي كل شوال عن رمضان ، فإنه يتم صيام الست من شوال في ذي القعدة ، بسبب العذر ، وهكذا كل من كان له عذر فإنه يشرع له قضاء ست من شوال في ذي القعدة بعد قضاء رمضان ، أما من خرج شهر شوال من غير أن يصومها بلا عذر فلا يحصل له هذا الأجر .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عما إذا كان على المرأة دين من رمضان فهل يجوز أن تقدم الست على الدين أم الدين على الست ؟

فأجاب بقوله : ” إذا كان على المرأة قضاء من رمضان فإنها لا تصوم الستة أيام من شوال إلا بعد القضاء ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال ) ومن عليها قضاء من رمضان لم تكن صامت رمضان فلا يحصل لها ثواب الأيام الست إلا بعد أن تنتهي من القضاء ، فلو فرض أن القضاء استوعب جميع شوال ، مثل أن تكون امرأة نفساء ولم تصم يوما من رمضان ، ثم شرعت في قضاء الصوم في شوال ولم تنته إلا بعد دخول شهر ذي القعدة فإنها تصوم الأيام الستة ، ويكون لها أجر من صامها في شوال ، لأن تأخيرها هنا للضرورة وهو ( أي صيامها للست في شوال) متعذر ، فصار لها الأجر. ) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين).

هل يجوز صيام ثلاث من الست من شوال بنية واحدة مع الثلاث ايام البيض ؟

وقد أجاب الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذه المسألة : بأنه يُرجى له ذلك لأنّه يصدق أنه صام الستّ كما يصدق أنه صام البيض وفضل الله واسع .
وعن المسألة نفسها أجاب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين بما يلي :
نعم ، إذا صام ست أيام من شوال سقطت عنه البيض ، سواء صامها عند البيض أو قبل أو بعد لأنه يصدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من الشهر ، وقالت عائشة رضي الله عنها : ” كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره ” ، و هي من جنس سقوط تحية المسجد بالراتبة فلو دخل المسجد وصلى السنة الراتبة سقطت عنه تحية المسجد … و الله أعلم .

نسأل الله العظيم ان يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال وان يجمعنا واياكم على الخير ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.