احدث الاخبار

طبق السمك وأساليب القيادة والتربية والإدارة.. !! بقلم : عصام زايد

زوجتي الست إشراق رجعت من عند صديقتها فوقيه مشرقة الوجه وفي غاية الانبساط والانشراح وأنا عارف طبعا إن ده ما يجيش إلا من أكله دسمة أو طريقة جديدة في عمل طواجن السبيط وغيرها من المشهيات، وعشان أنا زيها من هواة الأكلات الكبيسة والجديدة  رميت الكمبيوتر واستقبلتها أحسن استقبال ودار النقاش التالي :

قلت : إيه مالك مبسوطة قوي كده يعنى.

ردت وهي تمسك معدتها وتشاور بيديها علامة الفرح الشديد : أما أنا النهارده يا سعيد أكلت أكلة عند فوقية مش هقولك عليها ولا على طعمها.

قلت وأنا مش قادر أتحكم في حركة أيدي : قولي أنا خلاص مش قادر.

قالت  : شوف يا سيدي حتة طبق لكن إيه سمك مقلي بالمايونيز ومحطوط عليه خلطة ثوم تجنن، أما يا سعيد ريحة الطبق كانت مش معقولة وهي ماشية بيه للسفرة بصراحة أنا أول مرة أنسى نفسي كده حتى نسيت آداب الإتيكيت وأكلت قبل ما تيجي فوقية من المطبخ.

قلت: طيب قومي بسرعة كلميها وقولي لها الوصفة إيه.

قالت : تصور أنا نسيت هقوم أكلمها.

ودار الحديث التالي بين زوجتي وصديقتها :

إشراق : ألو فوقية حبيبتي ممكن تعطيني طريقة عمل السمك اللي أكلتها عندك  النهارده.

فوقية : طبعاً  حبيبتي شوفي  نظفي السمكة ثم اغسليها ثم ضعي البهار ثم اقطعي الرأس والذيل ثم أحضري المقلاة ..” هنا قاطعتها زوجتي :  ولماذا قطعتي الرأس والذيل؟

فكرت فوقية قليلا ثم أجابت: لقد رأيت والدتي تعمل ذلك! ولكن دعيني أسألها. وبعد ساعتين اتصلت فوقية :

تصوري كلمت ماما و سألتها: عندما كنت تقدمين لنا السمك المقلي اللذيذ لماذا كنت تقطعين رأس السمكة وذيلها؟ أجابت ماما : لقد رأيت جدتك تفعل ذلك ! ولكن دعيني أسألها.

و بعد شوية اتصلت ماما بجدتي وسألتها: أتذكرين طبق السمك المقلي الذي كان يحبه أبي ويثني عليك عندما تحضرينه ؟ فأجابت جدتي: بالطبع، فقلت لها : ولكن ما السر وراء قطع رأس السمكة وذيلها؟

أجابت جدتي بكل بساطة وهدوء: كانت حياتنا بسيطة وقدراتنا متواضعة ولم يكن عندي سوى مقلاة صغيره لا تتسع لسمكه كاملة !!

وهكذا توارثت أسرة كاملة على مدار جيلين طريقة عمل السمك بدون رأس وذيل من أجدادهم وهم لا يعرفون لماذا يقلون السمك بدون رأس وذيل.

وهكذا أيضاً نتوارث العادات والتقاليد في التربية ومعاملة أبنائنا من جيل لأخر ولا نسأل أنفسنا هل هناك حقاً طريقة أخري أفضل.

هكذا تتوارث الأمم أساليب الحكم والمنظمات طرق إدارة الأعمال دون السؤال هل هناك الأفضل؟

لماذا الخوف من التغيير؟ لماذا لايكون التقليد مبني على المعرفة ؟

قصة السمكة قصة من التراث الإنساني قمت بتطويرها لتجيب على التساؤل الدائر في عقلي الواعي عن حجم ما نخسره في حياتنا من اتباع سنن من قبلنا بلاوعي حقيقي بمقدار العائد الذي يمكن أن نجنيه من اتباع طرق أخري سواء في أساليب القيادة واتخاذ القرار وتربية الأبناء.

عصام زايد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.