السودانشئون عربية

“طويلة”.. معسكر جديد لضحايا الحرب في السودان

آلاف النازحين يفترشون العراء بلا طعام أو مأوى في شمال دارفور

كتبت: د. هيام الإبس

تحولت مدينة “طويلة” الواقعة غرب مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور إلى معسكر جديد لضحايا الحرب، مع توافد آلاف النازحين الهاربين من القصف والمعارك العنيفة التي اندلعت مؤخرًا بين الجيش السوداني والقوة المشتركة من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى.

وبحسب المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور، تشهد محلية طويلة أزمة إنسانية طاحنة نتيجة تكدس النازحين في العراء دون أبسط مقومات الحياة، من غذاء أو ماء أو مأوى. وقال المتحدث باسم المنسقية آدم رجال: “نحن بصدد إعلان حالة الطوارئ القصوى في المنطقة، بسبب الحاجة العاجلة لتدخلات إنسانية سريعة”.

وأوضح رجال أن آلاف المدنيين الذين فروا من الفاشر ومعسكري زمزم وأبو شوك وصلوا إلى طويلة دون أي متعلقات شخصية، وبعضهم جاء بعربات بدائية تجرها الدواب، مؤكدًا أن الاحتياجات تفوق قدرة المجتمع المحلي والمنظمات العاملة.


مآسٍ إنسانية على طريق النزوح

روى النازحون، وفق تصريحات رجال، شهادات مؤلمة عن الانتهاكات والسرقات والاغتصاب التي تعرضوا لها خلال رحلة الهروب، مؤكدين أن بعض الفتيات تعرضن للاغتصاب على يد عناصر مسلحة يُعتقد أنها تنتمي لقوات الدعم السريع، إلى جانب حالات وفاة بسبب الجوع والعطش، فضلًا عن ضياع أطفال وفقدان أسرهم.

ووفق إحصاءات المنسقية، استقبلت طويلة أكثر من 281 ألف نازح منذ بداية أبريل الجاري، ما رفع العدد الإجمالي في المدينة وما حولها إلى أكثر من مليون شخص.

وتُعد “طويلة” نقطة استقبال رئيسية نظرًا لقربها من الفاشر (نحو 65 كم غربًا)، بينما تتوسع حركة النزوح إلى مناطق فنقا، قولو، ونيرتتي بجبل مرة.


الفاشر تحت الحصار

وتفيد المصادر بأن نحو 70% من سكان معسكر زمزم نزحوا إلى طويلة ومناطق أخرى بعد الهجوم العنيف الأخير الذي نفذته قوات الدعم السريع، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى والمصابين من المدنيين.

وأكدت ذات المصادر أن من تبقى في الفاشر أو معسكري زمزم وأبو شوك يعيشون ظروفًا مأساوية، حيث يعانون من انعدام الغذاء والماء والدواء، في ظل استمرار الحصار والقصف المدفعي، وصعوبة الخروج من المدينة بسبب القيود التي يفرضها الجيش السوداني وقوات الكفاح المسلح المتحالفة معه.

كما كشفت المنسقية عن حملة اعتقالات واسعة نفذتها الاستخبارات العسكرية ضد نشطاء وقادة متطوعين في معسكر أبو شوك، بتهم التعاون مع الدعم السريع، ووصفتها بـ”الادعاءات الباطلة دون سند قانوني”.


مساعدات محدودة ومعبر مفتوح

ذكرت تقارير أن معبر أدرى الحدودي مع تشاد أصبح ممرًا لإدخال مساعدات إنسانية إلى طويلة، حيث وصلت شاحنات محملة بالغذاء والدواء ومستلزمات الإيواء، إلا أن هذه المساعدات لا تزال غير كافية.

وفي ظل تدهور الأوضاع، تدرس المنسقية العامة للنازحين إعلان حالة الطوارئ القصوى في طويلة، لدفع المنظمات الدولية والإقليمية إلى التحرك السريع لإنقاذ حياة آلاف المدنيين.


أولى جلسات محاكمة “حميدتي” غيابيًا

في سياق آخر، بدأت محكمة سودانية في بورتسودان أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” وشقيقه عبد الرحيم، و14 من كبار قادة الدعم السريع، بتهمة قتل والي ولاية غرب دارفور خميس أبكر في يونيو 2023.

واستمعت المحكمة برئاسة القاضي مأمون الخواض لإفادة الاتهام التي قدمها النائب العام الفاتح محمد طيفور، الذي وصف القضية بأنها “متماسكة ومهمة، وتؤكد مبدأ عدم الإفلات من العقاب”.

وكان أبكر قد قُتل بعد خطفه من قِبل قوات الدعم السريع، وانتشرت حينها مقاطع فيديو تُظهر التمثيل بجثته، ما أثار إدانات واسعة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وتصل العقوبات المحتملة إلى السجن المؤبد أو الإعدام.


جدل قانوني حول المحاكمة الغيابية

أوضح المحامي والناشط الحقوقي حاتم إلياس أن المحاكمات الغيابية غالبًا ما تجرى في ظروف استثنائية، وغالبًا ما تطال معارضين أو أعداء في معارك مسلحة، كما هو الحال مع حميدتي.

وقال إلياس: “المتهم في مثل هذه القضايا يُحرم من حقه في الدفاع عن نفسه، كما أن المحامي الذي يمثل طرفًا مثل حميدتي يعرض حياته للخطر، في ظل بيئة غير آمنة”.

يُذكر أن هذه ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن صدرت أحكام بالإعدام غيابيًا في عهد الرئيس السابق عمر البشير ضد قادة الحركات المسلحة، لكن جرى إلغاؤها لاحقًا عقب سقوط نظامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى