الصراط المستقيم

علوم القرآن فتح لتفسير الآيات.

بقلم/ إيمان أبوالليل

 

يعلم الجميع بأن التدبر هو فرض عين على كل مسلم، وبما أن الله تعالى أمرنا بالتدبر والتفكر، إذا هو يعلم بأننا سنجد دائما معاني وأحكاما جديدة تناسب العصر وتلائم فقه الواقع.

فالقرآن ليس كتابا لقصص الماضي وفقط، بل هو سر وإعجاز الماضي والحاضر والمستقبل.

وكما يقال لكل عصر رجال يفتح الله عليهم من فضله وبنور البصيرة والعلم يصل إلى فهم لم يكن موجودا في السابق، وإن لم يكن هناك جديد، ما كنا رأينا مفسرين جدد يضيفون لنا لينيروا لنا الطريق.

ومن يقف عن التدبر فهو(يعطل) أمر الله بالتدبر، وسينطبق عليه قول الله”أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض”.

ويجب أن نعي بأن التدبر له ضوابط شرعية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لابد من معرفة علوم القرآن والفرق بين الواجب والمندوب والمباح وأقسام كل منها، حتى ندرك المعنى والمقصد من الآية.

فمثلا قال الله تعالى”فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع”

نجد البعض يطير فرحا لأن الله أمره بالتعدد، وقال بأنه واجب، ويحكم على الزوجة التي(تبغض) أن يعدد زوجها عليها بالكفر، والردة عن الإسلام.

نقول لمن يكفر المرأة التي تبغض تعدد زوجها عليها، اتق الله فأجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار.

وحتى نفهم الحكم لابد وأن نفهم أولا مناسبة الآية.

فقد كان هناك رجل يكفل يتيمة تمتلك نخلا، وأراد الرجل أن يخلط ماله بمال اليتيمة،فقرر الزواج منها، ولأن هذا جور على اليتيمة التي لا تمتلك حق التصرف في مالها لأنها دون السن، نزلت الآيه حتى يرجع هذا الرجل عن إحتمالية ظلمها وقهرها، وأباح له الله التعدد لأنه يعلم بأن الرجل لا يرغبها كزوجة وسيظلمها، فأراد أن يتركها ولا يتزوجها، إذا التعدد ليس بواجب مفروض، ولا هو بالمندوب، بل (مباح)، أي أنه باختيار الرجل إن أراد أو لم يرد.

والأهم هو أن هذا (المباح) له شروط(شرعية) إن لم يستطع عليها الرجل فعليه بواحدة فقط، باستثناء قلبه وميله العاطفي لإحداهن، فهو لا يملك قلبه الذي أحب.

ولا يجوز لإمرأة أن تمنع زوجها من التعدد حتى مع بغضها لهذا.

وبغض المرأة لا يعني كفرها أو ردتها عن الإسلام، بل هو أمر طبيعي نابع من فطرتها كأنثى تغار على زوجها، ولنا في بيت النبوة عبرة، حيث ضحك عندما كسرت أم المؤمنين طبق أختها، وقال النبي غارت أمكم فعليه الصلاة والسلام، علم طبيعة المرأة وغيرتها وبغضها لوجود من تشاركها في زوجها

فمن هذه التي تفرح وتسعد وتزف زوجها لأخرى؟! لا توجد

إذا هي المشاعر التي لا تتحكم فيها أبدا مثل الحب تماما.

هذا عن البغض فليس كل امرأة لها قدرة تحمل أن يعدد زوجها.

أما من تنكر التعدد إنكارا، كمن ينكر القرآن فقد وقعت في زمرة نواقض الإيمان لأنها أنكرت وجود التعدد.

وهذا هو الفرق بين من تؤمن بكتاب الله ولكنها تبغض مشاركة امرأة أخرى في زوجها من باب الطبع الأنثوي وأنها جبلت على الغيرة، وبين من تنكر كلام الله من أساسه ولا تؤمن به.

فالأولى معها أصل الإيمان تماما كمن يكره القتال وقد كتبه الله على المسلمين، وأما الثانية  فقد نقض إيمانها،

لهذا لابد من استشعار الدقة قبل أن نحكم بالكفر والردة أعاذكم الله وإيانا.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هناك فرق بين البعض الفطري والبعض لأحكام الله عز وجل البغض لأحكام الله هو الذي يخرج العبد من دائرة الاسلام
    مثال
    امرأة أنا أحب القرآن كله إلا الآية التي فيها { وَاضْرِبُوهُنَّ } إذا وصلتلها بَعَدِّي عنها”. يعني تتجاوزها إلى ما بعدها ولا تقرأها، فهي تكره الآية التي فيها ضرب المرأة الناشز. لا غرابة في أن تكره امرأة أن يتزوج عليها زوجها أو أن يضربها… هذا شعور عادي متوقع لا إثم فيه. لكن الإثم والمصيبة في أن تكره حكم التعدد نفسه أو حكم الضرب نفسه.
    فهذا من التدبر الذي تنادي به انت في المقال.
    من كره ما أنزل الله لن يجد حلاوة الإيمان. إن المطلوب منا ليس محبة ما أنزل الله فحسب، بل أن يصبح ما أنزل الله ميزاننا الذي به نحب أشخاصا وأفكارًا ومبادئ ونبغض أخرى. قال عليه الصلاة والسلام: « ثلاث من كُن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار » (البخاري). حب وحب وبغض على أساس محبة ما أنزل الله. فمن كره ما أنزل الله أصلا اختل لديه الميزان وفقد حلاوة الإيمان.

    قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ . ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } [محمد:8-9]. اختار الله أسوأ صفة للكافرين أدت إلى حبوط أعمالهم: أنهم كرهوا ما أنزل الله. فإذن، لا يكره آيات الله مؤمن…بلا لا يكرهها إلا كافر. وقال الله تعالى بعدها بآياتٍ في السورة نفسها: { ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّـهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } [محمد:28]. كرهوا رضوانه لأنهم كرهوا ما يؤدي إلى رضوانه تعالى… كرهوا أحكام الإسلام، كرهوا شعائر الإسلام، كرهوا المظهر الإسلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.