الصراط المستقيم

غزوة الآحزاب .. بين البلاء والعطاء

كتب  – وليد على

يظن البعض منا  انه اذا الم به اى بلاء من مرض او فقر او فقد عزيز انه بذلك إبتلى بلاء شديد وانه يعانى مالم يعانيه احد من قبله ونسى أن البلاء من الله وان الانبياء والصالحين إبتلوا وصبروا .

قال الله تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )

وعن أنس رضي الله عنه  قال : قال رسول الله   صلى الله عليه وسلم  : ” إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وأن الله  عز وجل  إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط ”

و عن سعد  رضي الله عنه  قال : سُئل النبى صلى الله عليه وسلم  : أى الناس أشد بلاءاً ؟ قال : ” الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان صلباً في دينه اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقه هون  عليه ، فمازال كذلك حتى يمشى على الأرض ماله ذنب ”

وقد ابتلى المؤمنون فى غزوة الاحزاب إبتلاء شديد وبينهم رسول الله ووصف الله ذلك البلاء بأنه زلزال شديدا قال الله تعالى {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب:10، 11].

وكلما مررت على ذكر هذه الغزوة المباركه اتذكر كيف كان حجم هذا البلاء ويكفى فقط ان تعلم ان المسلمون دخلوا هذه الغزوة وحقروا خدقا لم يعهدوه فى حروبهم من قبل وكل ذلك وهم جوعى لم يكن عندهم ما يشبعهم وربطوا الاحجار على بطونهم وحينما اتى المشركين اليهم مع عددهم وعدتهم اجتمع عليهم مع هذا الجوع الخوف لان المشركين كان عددهم عشرة آلاف مقاتل مشرك من قريش وغطفان وبني سليم وغيرهم وانقضت بنوا قريظه العهد وانضموا لحزب المشركين .

وكان بينهم المنافين يخذلوهم ليل نهار يقولون لهم {وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا} [الأحزاب:12].

{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 13].

وكل ذلك كان فى جوا باردا شديد البروده و رياح شديده ولم يكن يومًا أو اثنين، ولا أسبوعًا أو اثنين، بل لمدة شهر كامل وهم رضى الله عنهم ومعهم رسول الله  صلى الله عليه وسلم فى معسكرهم صابرين محتسبين لذلك اتى النصر والفرج من الله .

وارسل الله على معسكر المشركين رياح شديدة عاتيه اقتلعت خيامهم وأطفاة نيرانهم وبعثرت وحدتهم والريح جندي هائل من جنود الرحمن، وربنا بعث ريحًا شديدة وقاسية البرودة على معسكر الكافرين لم تترك لهم خيمة إلا واقتلعتها، ولم تترك قِدرًا إلا قلبته، ولم تترك نارًا إلا أطفأتها، ووصلت شدة الريح وخطورتها إلى الدرجة التي دفعتهم لأخذ قرار العودة دون قتال وفك الحصارفاصبحوا ينادى بعضهم على بعض ليلا ونهاراً الرحيل الرحيل .

ولكن لماذا لم تأت الريح منذ اليوم الأول؟! لماذا انتظرت شهرًا كاملا؟!

كان ذلك لكي يمتحن المؤمنين، ويتميز الصادق من الكاذب، والمؤمن الصادق من المنافق.

ولماذا لم تهلكهم هذه الريح تمامًا مثلما أهلكت عادًا وثمود؟ لأن كثيرًا من هؤلاء الكفار سيسلمون بعد ذلك، ويتكون منهم جيش الإسلام.

يقول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: 9]

ونصر الله رسوله والمؤمنون بدون قتال.

قال الله تعالى : {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب:25].

وهكذا نتعلم من هذه الغزوة المباركه ان الابتلاء مع الصبر دائما ينزل بالمؤمنين بالمنح والعطاء .

اللهم ارزقنا الصبر عند البلاء واجعل لنا يارب فى البلاء عطاء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.