فتوى وتقوى: اختلاف مثير ومؤثر بين اثنين من فقهاء الجزائر
إعداد -عزة السيد
في الجزائر، دار نقاش فقهي مؤثر بين اثنين من علماء الدين حول مسألة إنسانية حساسة تتعلق بأحد الآباء المصابين بمرض الزهايمر. كان هذا النقاش بين أبناء الأب المريض وكل من الشيخ موسى إسماعيل والشيخ الطاهر آيت علجت، واستعرض اختلاف وجهتي نظرهما بخصوص مسؤولية الأبناء تجاه والدهم المريض.
سؤال الأبناء:
جاء أبناء رجل مريض بالزهايمر إلى الشيخ موسى إسماعيل مستفتين، وقالوا:
“والدُنا مريض بالزهايمر، وهو يأكل ناسيًا في نهار رمضان. فماذا علينا فعله؟”
فتوى الشيخ موسى إسماعيل:
أجابهم الشيخ موسى إسماعيل بقوله:
“أبوكم قد زال عقله، والعقل مناط التكليف، فهو غير مكلف بالصوم أصلًا، وبالتالي فلا شيء عليه.”
كانت فتواه مبنية على القواعد الفقهية التي تربط التكليف بالعقل، حيث رأى أن المرض قد أزال عنه أهلية التكليف.
فتوى الشيخ الطاهر آيت علجت:
ثم ذهب الأبناء بنفس السؤال إلى الشيخ الطاهر، فأجابهم برأي آخر:
“أطعموا عن والدكم عن كل يوم مسكينًا، فلئن تعاملوا والدكم معاملة المريض أحب إليَّ من أن تعاملوا والدكم معاملة المجنون.”
رأى الشيخ الطاهر أن البر بالوالد وإظهار الاحترام له أولى، فاختار معاملة الأب معاملة المريض، وهو ما يعكس بعدًا أخلاقيًا وإنسانيًا في الفتوى.
رد فعل الشيخ موسى إسماعيل:
عندما سمع الشيخ موسى إسماعيل بفتوى الشيخ الطاهر، تأثر بشدة وبكى وقال:
“حفظ الله الشيخ الطاهر، فالفتوى قبل أن تكون فتوى يجب أن تكون تقوى.”
كان تعليق الشيخ موسى يشير إلى أن الفتوى لا تقتصر على استنباط الأحكام الشرعية فقط، بل يجب أن تكون مراعية للتقوى والأدب والبر.
الدرس المستفاد:
هذه الحادثة تحمل في طياتها درسًا عظيمًا لكل مسلم:
- الفقه مع الأدب: أهمية المزج بين الحكم الشرعي والأدب الإنساني.
- البر بالوالدين: التعامل مع الوالدين بأقصى درجات الاحترام حتى في أصعب الظروف.
- التقوى في الفتوى: التفكير في أثر الفتوى على النفوس، وليس فقط في صحة الحكم.
اللهم ارزقنا الفقه مع الأدب، وارزقنا البر بوالدينا أحياءً وأمواتًا.
اللهم آمين.
مختارة من صفحة الكاتب الصحفي العراقي ماجد جميل على الواتس