احدث الاخبار

قمة بين سلفاكير وموسيفيني في جوبا لبحث الأوضاع بجنوب السودان

كتبت: د. هيام الإبس

عقد رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، الخميس 3 أبريل 2025، مباحثاتٍ مع الرئيس الأوغندي، يوري موسيفيني، في العاصمة جوبا، وسط تحركات عسكرية أوغندية مكثفة لدعم حكومة كير. تأتي هذه القمة في ظل تصاعد التوترات الداخلية بين سلفاكير ونائبه الأول، رياك مشار، وما رافقها من نشر القوات الأوغندية الخاصة في المدينة، وفقاً لتصريحات عسكرية رسمية أشارت إلى أن أي تحركٍ ضد كير يُعتبر “إعلان حرب على أوغندا”.

خلفية التحركات العسكرية الأوغندية

نشر القوات الخاصة في جوبا

كشف اللواء فليكس كولايجي، المتحدث باسم الجيش الأوغندي، في 11 مارس الماضي، عن إرسال بلاده وحداتٍ عسكرية متخصصة إلى جوبا “لتأمين العاصمة” ضد أي تقدم محتمل للمتمردين. وأكد أن هذه القوات ليست جزءاً من قوات حفظ السلام، بل تهدف إلى دعم حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سلفاكير.

التصريحات العسكرية الصادمة

أثار قائد الجيش الأوغندي، موهوزي كاينيروغابا، جدلاً واسعاً عبر منشوراته على منصة “إكس”، حيث صرّح في 19 مارس: “نحن لا نعترف إلا برئيس واحد لجنوب السودان، وهو سلفاكير… أي تحرك ضده يعني الحرب مع أوغندا”. تُعتبر هذه التصريحات الأقوى من نوعها منذ اندلاع الأزمة الحالية، مما يكشف عن مستوى التدخل الأوغندي غير المسبوق في الشؤون الداخلية لجارتها الشمالية.

محاور القمة بين كير وموسيفيني

الأجندة الأمنية المشتركة

ركزت المباحثات، حسب مصادر دبلوماسية مطلعة، على تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، خاصة في ظل المخاوف الأوغندية من تدفق اللاجئين في حال تجدد الحرب الأهلية. كما تمت مناقشة آلية تنسيقية جديدة للاستخبارات العسكرية لمراقبة تحركات القوات الموالية لمشار في شمال البلاد، حيث شهدت منطقة الناصر اشتباكاتٍ دامية الشهر الماضي.

الدعم السياسي المتبادل

أكد الرئيس الأوغندي دعمه الكامل لشرعية سلفاكير، معتبراً أن “استقرار جنوب السودان جزءٌ لا يتجزأ من الأمن القومي الأوغندي”. يأتي هذا الموقف في إطار سلسلةٍ من التحالفات الإقليمية التي يقودها موسيفيني، والذي لعب دوراً محورياً في اتفاقية السلام لعام 2018 التي أنهت الحرب الأهلية السابقة.

السياق التاريخي للتدخلات الأوغندية

سوابق عسكرية منذ 2013

للأوغنديين تاريخٌ طويل في التدخل المباشر بشؤون جنوب السودان، حيث نشرت كمبالا قواتها في جوبا عام 2013 لدعم سلفاكير ضد مشار خلال الحرب الأهلية الأولى، قبل أن تنسحب عام 2015. ثم عادت للنشر مجدداً عام 2016 بعد تجدد القتال، وفقاً لسجلات الأمم المتحدة.

المصالح الاقتصادية الخفية

تحتفظ الشركات الأوغندية بامتيازاتٍ نفطية كبيرة في مناطق إنتاج النفط بجنوب السودان، خاصة في ولاية الوحدة الحدودية. تشير تقديرات خبراء الطاقة إلى أن 40% من صادرات أوغندا النفطية تعتمد على الخام القادم من حقولٍ تديرها بشكل غير مباشر عبر شركات وهمية، مما يفسر العلاقة الوثيقة بين استقرار حكم كير والمصالح الاقتصادية الأوغندية الحيوية.

تداعيات الأزمة الحالية على المنطقة

مخاوف إنسانية متجددة

حذّرت منظمات حقوقية دولية من أن التصعيد الحالي قد يعيد البلاد إلى حربٍ أهلية شاملة، مما يعرّض حياة مليوني شخص للخطر المباشر في ولايات الشمال. وتشير تقارير مفوضية اللاجئين إلى وجود 300 ألف نازح جديد منذ فبراير 2025، معظمهم من النساء والأطفال الفارين من اشتباكات الناصر.

ردود الفعل الإقليمية والدولية

أبدت دول الجوار تحفظاً على التدخل الأوغندي، حيث عبّرت إثيوبيا عن “قلقها من عسكرة الأزمة”، بينما دعت السودان إلى “حلّ أفريقي دون تدخلات خارجية”. من جهة أخرى، تُظهر وثائق مسربة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يضغطان خلف الكواليس لإجراء مفاوضاتٍ جديدة بين كير ومشار، خشيةَ انهيار اتفاقية السلام الهشة.

السيناريوهات المحتملة بعد القمة

خيارات كير العسكرية

تشير تحليلات مراكز الأبحاث الإستراتيجية إلى أن كير يعتمد حالياً على القوات الأوغندية لتأمين العاصمة، بينما يحضّر قواته الخاصة لشن عمليات عسكرية ضد المعاقل التقليدية لمشار في ولاية الوحدة. وقد لوحظت تحركاتٌ عسكرية مكثفة لقوات الحرس الجمهوري الموالية لكير نحو المناطق الشمالية خلال الأسبوع الماضي.

مستقبل المشاركة الأوغندية

رغم التأكيدات الرسمية بأن الوجود العسكري الأوغندي “مؤقت”، إلا أن مصادر دبلوماسية في كمبالا تشير إلى إعداد خطة لنشر 5,000 جندي إضافي بحلول مايو 2025، مع إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في راجا الحدودية. يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولةٌ أوغندية لفرض هيمنة إقليمية في ظل الفراغ الأمني بالمنطقة.

تداعيات القمة على مستقبل السلام

تعكس قمة جوبا تعميق التحالف الاستراتيجي بين كير وموسيفيني، لكنها تطرح تساؤلاتٍ حول مدى استدامة الحلول العسكرية للأزمات السياسية. مع استمرار تجاهل المطالب الشعبية بالإصلاحات وتقاسم السلطة، يبدو أن المنطقة مقبلةٌ على مرحلةٍ جديدة من عدم الاستقرار، قد تُعيد رسم الخريطة الجيوسياسية لدول حوض النيل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.