للمرة الأولى .. فيضانات مفاجئة تُغرق مناطق واسعة فى شمال السودان

كتبت : د.هيام الإبس

خلّفت فيضانات مفاجئة فى ولايات شمال السودان أكثر من 70 قتيلاً، وخسائر فادحة فى الممتلكات، وتسبّبت الأمطار الغزيرة فى انهيار ودمار آلاف المنازل فى المدن والقرى، ما أدّى إلى تهجير الأسر إلى العراء، وسط تخوّفات من غَمر مناطق بالكامل تقع فى مجرى السيول.

وشهدت مناطق واسعة فى السودان خلال الأيام الماضية أعلى نسبة هطول أمطار وفيضانات، هى الأكبر منذ سنوات طويلة، واجتاحت السيول مناطق فى أقصى الشمال، ظلّت لعقود طويلة خارج خريطة المناخ المُمطِر فى البلاد، وفق خبراء فى الأرصاد الجوية، وتوقّعت وحدة الإنذار المبكر فى هيئة الأرصاد الجوية استمرار هطول أمطار غزيرة، مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية، قد تتسبّب فى جريان السيول الجارفة المفاجئة فى 4 ولايات، وهى: سنار، والبحر الأحمر، ونهر النيل، والشمالية.

ودَعَت الهيئةُ المواطنين فى هذه المناطق إلى اتخاذ الحيطة والحذَر، والابتعاد عن مجارى الأودية والخيران، وتجنُّب عبورها.

كارثة السيول

بدوره، قال “الهلال الأحمر السودانى” إن كارثة السيول والأمطار بمحافظة أبو حمد بولاية نهر النيل تسبّبت فى وفاة 34 شخصاً، وإصابة 588 آخرين، وتضرّر نحو 96 ألف أسرة.

وأفاد فى نشرة صحفية بأن السيول الجارفة أدّت إلى انهيار أكثر من 32 ألف منزل كلياً وجزئياً، وتدمير 150 مرفقاً خدمياً.

وقالت الغرفة الفنية لطوارئ الخريف بالولاية الشمالية إن الأمطار والسيول التى اجتاحت الولاية منذ بداية موسم الخريف تسبّبت فى مصرع 14 شخصاً، وإصابة 84 آخرين، فى حين تعرّض 20 شخصاً على الأقل إلى “لدغات العقارب”.

سكان يلجأون إلى الجبال

وتداول ناشطون مقاطع فيديو فى منصات التواصل الاجتماعى لأكثر من 200 أسرة فى قرى “سركتمو” بالشمالية لجأت إلى الجبال، بعد محاصرة المياه القرية بالكامل.

وأشار تقرير الغرفة إلى أن الأمطار الغزيرة هطلت على 55 منطقة فى الولاية الشمالية، تضرّرت منها 2766 أسرة.

وأوضحت أنها تجد صعوبة فى حصر الأضرار فى محليتَى حلفا ودلقو، بسبب السيول والمياه والانقطاع الجزئي فى شبكات الاتصال والإنترنت.

نداء عاجل

من جانبها، أطلقت وزارة الصحة بالولاية الشمالية نداءً عاجلاً للمجتمع الدولى والإقليمى والمحلى بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ حياة الآلاف من المتضرّرين بالأمطار والسيول بمحافظة وادى حلفا، أقصى شمال البلاد.

كارثة إنسانية

وحذّرت من كارثة إنسانية مُحدِقة بالآلاف من المواطنين النازحين بسبب الأمطار والسيول، وما يترتب عليها من آثار.

وقالت إن أكثر من 3 آلاف منزل، وعدداً من المرافق الصحية، ومراكز إيواء النازحين، تعرّضت لأضرار بالغة فى مدينة حلفا والقرى المجاورة لها، لافتة إلى الحاجة الماسة لإطعام المتضرّرين وإيوائهم، وتوفير الخيام والمواد الغذائية والأدوية.

توقعات بتغيرات كبيرة

وقال الخبير فى الأرصاد الجوية، المنذر أحمد الحاج، إن المناخ فى ولايتَى نهر النيل والشمالية (شمال البلاد) بدأ يعود كما كان قبل عشرات السنين، مضيفاً أنه نبّه منذ وقت طويل إلى تغيّر فى المناخ يعود بالسودان إلى قبل أكثر من 100 عام.

وأوضح أن المناخ فى السودان بدءاً من يوليو إلى أكتوبر ، سيكون مناخاً استوائياً أو شبه استوائى، وهذا يتطلب تغييراً فى سياسة البناء وطريقة الزراعة؛ للتأقلم على الطقس الجديد.

وتوقع المنذر أن تغمر المياه كل القرى والمناطق السكنية التى تقع فى مجرى السيول والوديان بالولايات الشمالية، ما قد يؤدى إلى وقوع أضرار كبيرة للمواطنين.

ووفق وحدة الإنذار المبكر، متوقع أن يستمر تساقط الأمطار بغزارة، مصحوبة بسيول إلى 24 من أغسطس الحالى