مأساة جنوب أم درمان: مقابر جماعية ورهائن مدنيون داخل مدرسة

كتبت: د. هيام الإبس
في مشهد يُلخّص حجم الكارثة الإنسانية التي خلّفتها الحرب المستعرة في السودان، عثرت القوات المسلحة السودانية، خلال عملياتها العسكرية جنوب أم درمان، على مقابر جماعية مروّعة داخل إحدى المدارس بمنطقة الصالحة، حيث احتُجز مئات المدنيين واستخدموا كدروع بشرية في انتهاك صارخ لكل القوانين الإنسانية والدولية.
648 رهينة.. و465 شهيدًا داخل مدرسة
كشفت التحقيقات أن 648 مواطنًا سودانيًا، معظمهم من المدنيين ومن القوات النظامية السابقة، قد تم اعتقالهم قسرًا من منازلهم على أسس عرقية بحتة، من قبل مليشيا أسرة دقلو، واحتُجزوا داخل المدرسة وسط ظروف إنسانية غاية في القسوة. وقد استُخدموا كدروع بشرية في مواجهة العمليات العسكرية.
ووفق مصادر ميدانية، فقد استُشهد 465 محتجزًا منهم بسبب نقص الغذاء والدواء والإهمال الطبي، ودفنوا في مقابر جماعية تضم الواحدة منها ما يزيد عن 27 جثمانًا. وتُعد هذه الجريمة من أبشع الجرائم التي سُجّلت منذ اندلاع النزاع، بحسب ما نقلته وكالة السودان للأنباء.
الصحة العالمية: ارتفاع مقلق في أعداد القتلى بالمرافق الصحية
وفي تطور مأساوي آخر، أعلنت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، عن توثيقها 167 هجومًا على منشآت صحية في أنحاء متفرقة من السودان منذ بداية الحرب قبل عامين. وذكرت المنظمة أن هذه الهجمات أسفرت عن مقتل 1121 شخصًا وإصابة 333 آخرين، من بينهم 734 قتيلًا خلال الأربعين يومًا الأخيرة فقط، ما يسلّط الضوء على تصاعد خطير في استهداف المرافق الصحية والكوادر الطبية.
الجيش يحاصر ود بندة.. وتطورات ميدانية في كردفان
ميدانيًا، أفادت مصادر عسكرية بفرض الجيش السوداني حصارًا محكمًا على منطقة ود بندة بولاية غرب كردفان، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الدعم السريع، في محاولة لبسط السيطرة الكاملة على المنطقة، التي تعد من أبرز معاقل المليشيات.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تحوّل استراتيجي مهم في العمليات العسكرية غرب البلاد، مع ترقّب المزيد من التحولات خلال الأيام المقبلة، في إطار سعي الجيش لاستعادة الأمن والاستقرار.
الأمن في أمبدة: استقرار هش وخطة لإعادة الخدمات
وفي محلية أمبدة، أكد العميد إبراهيم صالح حامد، مدير شرطة المحلية، أن الأوضاع الأمنية أصبحت مستقرة نسبيًا، مع غياب تام لعناصر التمرد، وانتشار مكثف لقوات الشرطة. وأوضح أن أقسام الشرطة بدأت تعود تدريجيًا للعمل، حيث تمت إعادة 7 أقسام إلى الخدمة، وتستقبل البلاغات اليومية.
إلا أن التحديات لا تزال قائمة، وعلى رأسها التعامل مع المجرمين الفارّين الذين أطلقتهم الميليشيات من السجون، إلى جانب تفشي السكن العشوائي والأسلحة غير المرخصة.
خطة أمنية شاملة واستعادة للممتلكات المنهوبة
وأشار العميد حامد إلى وجود خطة متكاملة لإعادة الأمن والخدمات، تشمل إعادة بناء الأقسام المدمرة وعددها 11، واستعادة الممتلكات المنهوبة عبر فرق متخصصة، حيث تم رصد كميات كبيرة من هذه المسروقات داخل المنازل، وستُعاد إلى أصحابها قريبًا.
كما باشرت قوات الطوف المشترك (الشرطة، الجيش، جهاز الأمن) مهامها، ما أسهم في الحد من أعمال النهب. وتم نشر أكثر من 20 نقطة ارتكاز أمنية، إلى جانب جهود الشرطة المجتمعية لتأمين الأحياء ودعوة المواطنين إلى العودة لمنازلهم.