آفة التنمر تصيب الذكور والإناث والصغار والكبار
علاج التنمر يتطلب تعاون الاسرة ومؤسسات الدولة
كتبت / إيمان خالد
كشفت إحصائية لمنظمة اليونسكو أن 250 مليون طفل يتعرضون للتنمر في المدارس. وكشفت الدراسة التي أجريت على اطفال من 19 دولة ، ان 34% من الطلاب تعرضوا للتنمر وأن 8% من الطلاب يتعرضون بشكل يومي للبلطجة والمضايقات من قبل أقرانهم.
ونقلت جريدة الحياة التي تصدر في لندن إحصائيات للمركز الوطني للوقاية من التنمر في الولايات المتحدة والتي صدرت في (ديسمبر 2017) ، وأشارت إلى أن واحداً من كل 5 أطفال – أي ما تقارب نسبته 20.8 في المائة من الصف الرابع إلي الثاني عشر يتعرضون للتنمر،
مفهوم التنمر وأشكاله :
وعرفت منظمة “اليونيسيف” العالمية التنمر بأنه أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل أخر ،أو ازعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة.
وقد يأخذ التنمر أشكالا متعددة كنشر الشائعات أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المتنمر عليه بدنيا ولفظيا أو عزل طفل ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ.
منها “اللفظي” مثل (الشتائم والتحقير والسخرية وإطلاق الألقاب والتهديد) ويمكن أن يكون “بدنى” كالضرب واللكم أو سرقة وإتلاف ممتلكات الشخص الذي يتم التنمر عليه، ويمكن أن يكون “اجتماعي” ومثل التجاهل وتسفيه الرأي وإهمال الطفل بطريقة متعمدة تشعره بالدونية .
ومنها النوع الذي ظهر بقوة في الآونة الخيرة وهو “التنمر الإلكتروني” وانتشر بانتشار مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق إرسال الرسائل الإلكترونية والرسائل النصية وإرسال الصور والفيديوهات هدفها إحراج صاحب الهاتف والتهديد بنشر صوره الخاصة لإذلاله.
أسباب التنمر:
لا يولد طفل متنمراً وانما يحدث ذلك نتاجاً للبيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل “المنزل” والرسائل التي يتلاقها في طفولته، فغالبية الأطفال الذين يمارسون التنمر تم ممارسة التنمر عليهم من قبل ،وينشأ ذلك من إحساس الطفل بالضعف والتهميش من قبل الوالدين وبسبب عدم وجود بيئة متحابة ينشأ فيها و عدم وجود ثقافة حوار داخل المنزل و تهميش أراء الطفل و عدم الاستماع له، أيضا من أسبابه العنف الأسرى وضرب الطفل فيتعلم الطفل العدوانية والغيرة وبحث الطفل على الاهتمام وجذب الانتباه وعدم احساسه بالأمان والنقص العاطفي ،و ذلك بسبب انشغال الوالدين عن الطفل و تربيته ، و تدليل الطفل الزائد عن الحد و غياب التوجيه و الإرشاد.
وتحدثت مدونة ” من الحياة ” عن التنمر كأحد مظاهر للامراض النفسية أو العقلية: في بعض الحالات يكون التنمر والاساءة علامة من علامات الاكتئاب أو اضطراب الشخصية أو عرضاً لمرض عقلي، كالغضب واستخدام القوة والعنف وسوء فهم افعال واقوال الاخرين على انها معادية ومستهدفة له. وهذا النوع من الاولاد يحتاج علاجاً نفسياً وعصبياً وربما لتدريس خاص.
وتحدثت المدونة أيضا عن أثر الثراء أوالسلطة: هذا النوع من التنمر يسببه التكبر والاستعلاء ولا يشمل اقران المعتدي بل ومعلميه وكل من يحتك بهم. إذ يعتبر المتنمر نفسه أعلى قيمة وأهم ممن حوله ولا يسمح لاحد بتقويمه فهو ينال القوة بمنصب ومال والديه ليتسلط على كل من لا يعترف بمكانته ولا يخضع له.
التنمر ليس حكراً على الأطفال فقط:
كما ذكرنا سابقًا التنمر مشكلة عالمية يتعرض لها الذكور والاناث ، كما أنها ليست حكرا على الأطفال دون الكبار فأي فرد في المجتمع مهما بلغت مكانته الاجتماعية معرض للتنمر والايذاء والمضايقات التي قد تصل بالشخص المتنمر عليه بالدخول في كثير من الاعتلالات النفسية مثل الاكتئاب وإضرابات الشخصية ويؤثر على الفرد ويدفعه للانحراف والجريمة وفي الحالات الأشد خطورة قد تصل بالمرء إلى الانتحار .
ونشر موقع “باسنيوز” أن عارضة الأزياء الباكستانية “أنام تانولى” 26 وجدت في شقتها بمدينة “لاهور” متوفاة شنقًا وأوضحت مساعدتها أنها انتحرت لأسباب نفسية، وكانت قبل موتها ظهرت في بث مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن التنمر الذي تتعرض له.
و نقلا عن موقع “الكون نيوز” أيضًا تعرضت الممثلة المصرية “دينا الشربينى” في مهرجان الجونة السينمائي الأخير للتنمر، وذلك عندما تعرضت لهجومٍ لاذع من رواد مواقع التواصل الاجتماعي معلقين على الملابس التي كانت ترتديها على السجادة الحمراء ومن خسارتها للوزن بشكل كبير وكذلك سخريتهم من لون بشرتها السمراء ودافعت عنها الفنانة “كندة علوش”.
كيف نواجه التنمر:
اهتمّت الدول والعديد من المنظمات العالمية بظاهرة التنمر، فأطلق المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاج (#أناضدالتنمر) بالتعاون مع منظمة اليونيسيف والاتحاد الأوروبي والتي شارك فيها العديد من الفنانين مثل الفنان “احمد حلمي” لتسليط الضوء على خطورة التنمر الإلكتروني والسخرية على الانترنت.
وذكرت جريدة المصري ان لقيت قبولاً واسع المدى بين مستخدمين مواقع التواصل الاجتماعي حسب تصريح السيد “برونو مايس” الذي أكد وصول عدد متابعي الحملة إلى 55 مليون متابع، من خلال الوسائل الإعلامية والتفاعل مع خط نجدة الطفل الذي ساهم بشكل كبير على تعزيز الوعي بخطورة التنمر.
ويرى خبراء علم النفس والإجتماع أن مواجهة التنمر تتطلب تتضافر جهود الأسرة مع مؤسسات الدولة التعليمية والتربوية “المدارس والجامعات” ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني
فيقع على الأسرة الدور الأكبر في تنشئة طفل سوى قادر على مواجهة كل التحديات التي تقابله وذلك بترك مساحة للطفل للتعبير عن نفسه والتعبير عن رأيه في منزله وإحاطته بكل أنواع الرعاية والاهتمام وتعزيز ثقة الطفل في نفسه ووضعه في مواقف يثبت فيها نفسه وتعليمه ثقافة الاختلاف وتقبل الأخر وتعليم الطفل كيف يمكنه تحويل طاقة الغضب إلى إنجاز، فيتحول التنمر دافعاً لتحسين الذات
ويقع جزء كبير أيضاً على المؤسسات التربوية والتعليمية من خلال وضع برامج توعية بشكل دوري ويجب حماية الطفل في مدرسته من التعرض لأي مضايقات وتكثيف الرقابة من قبل المدرسين على طلابهم وتحفيز روح التعاون بين الطلاب وبعضهم ونشر المودة وقيم العمل الجماعي، وعمل ندوات تثقيفية في المدارس والجامعات للتوعية بخطورة التنمر وكيفية مواجهته والتوعية بخطورته على الأفراد.