الملك قدم أغاني من التراث النوبي والجزائري والتونسي
كتب – سعيد حسن
تعكس التجربة الفنية في مشواره الفني الذي يبلغ حوالي 46 عاما، تميزا واضحا في الصوت والأداء واللون الموسيقي. واستطاع خلال مسيرته الرائعة ان يفرض نفسه بصوت دافئ ليس له مثيل. موسيقاه خليط بين الجاز والسلم الموسيقي النوبي, فهو متجاوب مع الشباب وله أفكاره ورؤاه الخاصة. صادق وتلقائي ومبدع وصاحب مهارة وحرفية شديدة, تأثر بموسيقي محلية وقام بمعالجتها. وله كاريزما خاصة علي المسرح, هو ما جعل الجمهور يطلق عليه اسم “الملك”.
ولد محمد منير محمد أبا يزيد جبريل من مواليد قرية منشية النوبة بأسوان, ولد في 10 أكتوبر 1954 وقضي فترة صباه في أسوان قبل أن يهاجر مع أسرته إلي القاهرة, حصل علي بكالوريوس تصوير سينمائي في كلية الفنون التطبيقية عام 1978.
بداياته مع زكي مراد وعبد الرحيم منصور وأحمد منيب
بداية “منير” كمغني هاوي كانت في عام 1977 اثناء الدارسة حيث استمع إليه زكي مراد الشيوعي النوبي فأوصي زميله عبدالرحيم منصور الشاعر المعروف انذاك بالاستماع اليه, فتعرف وقتها علي الفنان الراحل أحمد منيب الأب الروحي للغناء النوبي والشاعر فؤاد حداد, وكان “منيب” فنانا شاملا فهو مغني وملحن ومن خلال البروفات.
وقد كان منير يتعامل مع كلمات الاغاني ويشعر انها منه ويعشقها, ولانه صادق في التعبير عنها, وكان اقرب الشعراء اليه الشاعر عبدالرحيم منصور ومجدي نجيب وسيد حجاب, وكانت أفكار منصور ان يقدم منير التراث الغنائي النوبي علي أن تكون الكلمة بالعربية والموسيقي مستوحاه من التراث النوبي للفت انتباه الجمهور أنذاك.
ونجح منير مع هذه التوليفة من الفنانين فوجد صوته في ألحان أحمد منيب وقدما ألحاناً رائعة لاقت صدي لدي الجمهور، خاصة انها كانت تيمة جديدة علي اذان المستمعين ومن هذه الاغاني “الليلة يا سمرا وشجر الليمون واتكلمي وعروسة النيل وشبابيك ويا أماه وسهريت ليالي وعقد الفل والياسمين وسؤال”, فكون “منير ومنيب ومنصور” ثلاثية لها طابع خاص في الفن المصري عموماً, وقاموا بنشر الرتم النوبي وادخال الدفوف في أغلب الالحان بمصاحبه موسيقي التراث النوبي.
بداية النجومية مع هاني شنودة
وبدأ منير التعامل مع الملحن والموزع الكبير هاني شنودة في بداية مشوار منير للنجومية, حيث لحن له اربع اغانى فى أولي البوماته “علموني عنيكي” 1977 ووزع اغانى الالبوم بالكامل، كمان لحن له فى الالبوم التانى “بنتولد” 1978، ثمان اغانى ووزع كامل الالبوم, ثم “شبابيك” 1981، الذي حقق مبيعات هائلة في ذلك الوقت, و”اتكلمي” 1983.. ثم توالت البوماته “بريء” 1986، “وسط الدايرة”1987 “يا اسكندرية” 1990، “مشوار” 1991،” أسامينا” 1991، “الطول واللون والحرية” 1992، “افتح قلبك” 1994، “ممكن” 1995، “من أول لمسة” 1996، “الفرحة” 1999 ، “في عشق البنات” 2000، “أنا قلبي مساكن شعبية” 2001، “الأرض: السلام” “مدد” 2002 رباعيات في حب الله 2009، “أحمر شفايف” 2003، “حواديت” 2004،” امبارح كان عشرين” 2005، “يا أهل العرب والطرب” 2012، “الروح للروح بتحن” 2018، “باب الجمال” 2020.
أغنيات من التراث
وغني منير للغربة والحنين وظهر هذا جلياً في اغنيات “مسكينة حبيبتي السمرا” و”أمانة يا بحر” و”قول للغريب حضنك هنا”, كما قدم منير اغنية “مدد يا رسول الله” المستوحاة من التراث الصوفي القديم, والتي اخذت صبغة دينية, والحانها تعكس الشخصية الاسلامية التي تتمثل في الالات الدفوف والفلوت والقانون والعود, وتمثل هذه الاغنية قيم العدل والمساواة والمحبة والسلام والاخاء, وكان أداء منير فيها رائعا, كما انه اقتبس اغنيات من الموروث الجنوبي حينما اتجه لتاديه اغاني من التراث المحلي فقدم اغنية “نعناع الجنينة” من التراث الجعفري, واغنية “سو يا سو” و”شيكولاته” من قبل العبابدة الرحل بأسوان وكذلك اغنية “شبك حبيبيي” من فلكلور البحيرات.
عازفين اجانب
يعتبر منير أول من تعامل مع عازفين اجانب فتعاون معه “رومان بونكا” الالماني عازف الجيتار والعود وهو متميز بذوقه الفني لمنطقة الشرق الاوسط وافريقيا بشكل خاص, و”ادجار هوفمان” عازف ألات النفخ والناي.
انفصل منير عن فرقة يحيي خليل بعد اخر لقاء فني بينهما ألبوم “وسط الدايرة” 1987 وكان يقصد منير من هذا الانفصال كسر حدة الملل والتنويع من أجل تقديم الافضل والاجود, حيث بدأت تجربته مع يحيي خليل عام 80 بالبوم “شبابيك” والذي يعتبر الميلاد الحقيقي لمنير.وكان خليل له دور مؤثر في اغان منير في بداياته فكان منتجاً ومخرجاً فنياً وعازفاً لكل اغانيه والبوماته ومسئول عن تحقيق الترابط والتناغم بين العناصر المختلفة لتقديم عمل فني متكامل.
وفي ألبوم ، “شكولاته” 1989، التقي منير لأول مرة مع عملاقان من عمالقة التلحين والتأليف هما الموسيقار كمال الطويل الذي لم يلحن اغنية في كاسيت لأي مطرب منذ رحيل عبدالحليم حافظ وشاعر العامية عبدالرحمن الابنودي في اغنيات “مش برئ – بره الشبابيك” وكانت بمثابة تعارف بين ألحان مميزة وكلمات معبرة وصوت دافئ.
أغنيات قديمة
قدم منير اغنيات قديمة لمطربين راحلين, من منطلق احساسه المختلف عن الأخر وانه يقدم هذه الاعمال من هذا المنطلق’ فاحساسه يجعله قادر علي نقل الاغنية بشكل مختلف ورؤيا مختلفة وانه يملك اسلوب خاص في ذلك, مثل أغنيات “أه يا اسمراني اللون” للفنانة شادية و”حبيبي لولا السهر” للفنانة نجاة, و”حكمت الأقدار” اغنية جزائرية عام 1984 واغنية “امبارح كان عمري 20″ و”تحت الياسمينة” من الفلكلور التونسي للشاعر الهادي الجويني القيمة الموسيقية الكبيرة في الوطن العربي, وكان يهدف منير الي نقل ثقافات الشعوب الاخري وفي رؤيته وأدائه ورسالة للوطن العربي كله.
طعم البيوت
واصل منير رحلته في ألبوم ، “طعم البيوت” 2008 كانت فكرة الالبوم ما يحدث للاسرة من فرح وحزن وحب وشقاء وعشق المدينة وحب القرية والسكن في حي صامت ووسط صمت الحي الراقي تخرج اصوات نابعة من البيوت كالزغرودة وصوت حزين وهمس والبيوت عامة بفقرها وتراثها وقبحها وجمالها وكان لا يقصد الحالة المصرية فقط.