معارك الفاشر مستمرة.. وطرفا الحرب يزعمان التفوق
كتبت : د.هيام الإبس
تضاربت الأنباء حول المعارك المستمرة فى مدينة الفاشر الاستراتيجية بولاية شمال دارفور بالسودان، فى ظل مزاعم طرفى الحرب بالتفوق، فى حين تحدثت منصات تابعة لـ”قوات الدعم السريع” عن تحقيق تقدم كبير والاستيلاء على أحياء فى المدينة، ينفى مسؤولون بالجيش السودانى والقوات المتحالفة معه الأمر، ويقولون إنهم يتصدون لهجمات “المتمردين” ويلحقون بهم “خسائر فادحة”.
وتعتبر مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، هى المدينة الكبيرة الوحيدة من إقليم دارفور المتبقية تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية والقوات الحليفة لها، وذلك بعدما سيطرت «د”الدعم السريع” منذ أشهر على المدن والفرق العسكرية التابعة للجيش فى ولايات الإقليم الأربع (غرب، جنوب، وسط، شرق دارفور).
ومنذ أبريل 2023، يخوض الجيش السودانى والدعم السريع، حرباً واسعةً بدأت فى الخرطوم، وامتدت لتشمل أنحاء البلاد كافة تقريباً، ما تسبب فى موجة نزوح غير مسبوقة، وفجّرت أزمة إنسانية وتفشياً للأمراض والجوع.
وتقاتل الدعم السريع بقوة للاستيلاء على الفاشر التى تعنى السيطرة على دارفور، الذى تحده أربع دول غرباً وجنوباً هى: ليبيا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وولايات كردفان والشمالية من جهة الشرق والشمال.
الدعم السريع يفرض حصارً مشدداً وقال شاهد عيان إن قوات الدعم السريع حققت “اختراقات كبيرة” على حساب الجيش وحلفائه ف القوات المشتركة، يوم الجمعة الماضي، وإنها دخلت إلى سوق المدينة الكبير، وواصلت قصف تمركزات القوات المدافعة وقيادة الفرقة السادسة (التابعة للجيش)، مع اشتباكات متفرقة وعمليات كر وفر لاختراق الدفاعات.
وأكد الشاهد أن الدعم السريع لا تزال تتمركز فى المحور الشرقى للمدينة وأطراف سوق المدينة الكبير الشرقية، وتنتشر بكثافة فى أحياء الجبل، والمصانع، والصفا، والجامعة، وحجر قد، القريبة من مقر قيادة الفرقة السادسة التابعة للجيش.
وفقاً لــ” الشرق الأوسط” وقال شاهد آخر قريب من القتال إن القوات المهاجمة فرضت حصاراً مشدداً على المدينة، ولم تترك سوى منفذ خروج واحد باتجاه معسكر زمزم للنازحين، وتابع: أعداد كبيرة من المستنفرين خرجوا عبره، ومن يخرج لا مجال لعودته.
وأشار الشاهد إلى تفشى حالة من عدم الثقة بين المستنفرين والقوات المشتركة، وبين القوات المشتركة نفسها، وبين المستنفرين وقيادة الفرقة السادسة، وسط تبادل لاتهامات “الخيانة”، وعدم عدالة توزيع الإمداد العسكرى والمؤن والأموال.
الجيش يدافع لكن الناطق الرسمى باسم قوات “حركة العدل والمساواة السودانية” الحليفة للجيش، العميد حامد حجر، قال، إن “التمرد (يقصد الدعم السريع) يعتبر الفاشر هدفاً سياسياً مُهماً، لذلك يسعى بإصرار للاستيلاء عليها لتنفيذ مخططه فى تقسيم السودان على غرار النموذج الليبى أو اليمنى”، وأضاف : “قواتنا أفشلت مخططه (أي الدعم) وحلفائه الإقليميين للاستيلاء على المنطقة الغنية بثرواتها الزراعية والمعدنية والبشرية”.
ووفقاً لحجر، فإن “الجيش والقوات المشتركة ظلا يدافعان عن الفاشر بشراسة، وخاضا أكثر من 151 معركة مع قوات (التمرد) منذ اندلاع الحرب، أفلحت في الحيلولة دون بسط سيطرته على المدينة”.
وتكونت “القوات المشتركة” من حركات مسلحة وقعت اتفاق جوبا لسلام السودان، وأبرزها “حركة تحرير السودان” بقيادة منىِ أركو مناوى ، و”حركة العدل والمساواة السودانية” بقيادة جبريل إبراهيم، التى التزمت الحياد طويلاً، قبل أن تقرر الانحياز للقتال مع الجيش فى نوفمبر 2023.
وتفرض قوات الدعم السريع منذ أبريل الماضى حصاراً محكماً على الفاشر من الجهات كافة، وعادة فإن قيادة الجيش فى بورتسودان تلجأ لعمليات “الإسقاط الجوى” لتزويد القوات المحاصرة بالذخائر والمؤن والأسلحة.
وأدى الحصار الطويل والقتال المستمر والقصف المدفعى المتبادل لأزمة إنسانية كبيرة، واضطر مئات الآلاف للنزوح من المدينة المقدر عدد سكانها بنحو 1.8 مليون، ومعظمهم نازحون سابقون من حرب دارفور الأولى 2003.
ووفقاً لحجر، فإن “قوةً كبيرةً جداً تدافع عن الفاشر، تتكون من الفرقة السادسة التابعة للجيش، والقوات التى انسحبت من مدن زالنجى ، والجنينة، والضعين، ونيالا، إضافة للقوات المشتركة وآلاف المستنفرين”، ويضيف: “هذه القوة الكبيرة صعبت مهمة التمرد، وأفشلت استيلاءه على الفاشر، فة أكثر من 151 معركة معه”.
محاولات اقتحام يائسة وقلل حجر من هجمات قوات الدعم السريع، ووصفها بـ”محاولات اقتحام يائسة”، وتابع: تكتيكات دفاعنا تقوم على فتح ممرات تكتيكية للقوات المهاجمة، خصوصاً من الطريق المار قرب السوق الكبير إلى المناطق الشرقية، حيث حواضنهم الاجتماعية، واستدراجهم إلى مناطق يتم كسر هجومهم فيها.
وفى المحور الجنوبى، قال حجر إن “الجنجويد (تسمية يطلقها مناوئو الدعم عليها) تسللوا، الثلاثاء، من الجهة الجنوبية بحشود كبيرة، ودارت معركة كبيرة استطاعت قواته صد القوات المهاجمة، وكبدتها خسائر فادحة فى العتاد والأفراد”، وأضاف: تكتيكات (الجنجويد) تتمثل فى التسلل عبر الأحياء المدنية، وقصف الأعيان المدنية ومنازل المواطنين.