مع القرآن في رمضان (٧) مس الجن حقيقة أم خرافة؟
بقلم د.محمد صلاح شلبي
اعتاد الإنسان منذ قديم أن ينسب الأمور التى لا يجد لها تفسيرا إلى الجن ،وعرفت العرب وادي عبقر ونسبت كل مستغرب إليه .حتى اكسبوا الجن صفات من صفات الألوهية وتصوروا أنه مسئول عن توجيه الفكر والمشاعر والسلوك ،وجعلوه قادرا على دخول الجسد والتحكم فيه ،وظهر ما يعرف بطارد الأرواح الشريرة في الثقافة الغربية ويعرف بالمعالج القرآني في الثقافة العربية .
وعندما نرجع إلى القرآن الكريم لنفهم علاقة الجن بالإنس، نجد أن الله حدد وظيفة الشيطان باعتباره اكثر الجن قدرة وتاثيرا على الإنسان في أمور ثلاثة هى الوسوسة والتزيين والإغواء، كما وصف سبحانه كيد الشيطان بأنه ضعيف
﴿ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱلطَّـٰغُوتِ فَقَـٰتِلُوۤا۟ أَوۡلِیَاۤءَ ٱلشَّیۡطَـٰنِۖ إِنَّ كَیۡدَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ كَانَ ضَعِیفًا﴾ [النساء ٧٦] ويمكن فهمه في ضوء قوله تعالى على لسان الشيطان ﴿… وَمَا كَانَ لِیَ عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّاۤ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِیۖ فَلَا تَلُومُونِی وَلُومُوۤا۟ أَنفُسَكُمۖ مَّاۤ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَاۤ أَنتُم بِمُصۡرِخِیَّ إِنِّی كَفَرۡتُ بِمَاۤ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ﴾ [إبراهيم ٢٢]
فوصف كيده بالضعف في حين وصف كيد الإنسان بأنه تزول منه الجبال﴿… وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ﴾ [إبراهيم ٤٦]
إن هذا التعظيم لدور الجن هو بمثابة نوع من العبادة له
﴿۞ أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَیۡكُمۡ یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُوا۟ ٱلشَّیۡطَـٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [يس ٦٠]
نحن إذن أمام ظاهرة تمتد بعمقها في ثقافات مختلفة وتتمدد جذورها في طبقات اجتماعية مختلفة تحتاج إلى نشر الوعي والفكر القويم.
د.محمد صلاح شلبي
كاتب وباحث