مناوي : دارفور تواجه أسوأ أزمة إنسانية في إفريقيا وسط تصاعد العنف ونقص المساعدات

كتبت: د. هيام الإبس
كارثة إنسانية غير مسبوقة
أكد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أن الإقليم يواجه أسوأ أزمة إنسانية في القارة الإفريقية، بسبب تصاعد الهجمات من قبل قوات الدعم السريع، مما أدى إلى نزوح آلاف الأسر وقطع طرق الإغاثة. جاء ذلك خلال لقائه بوفد الحكومة البريطانية الذي يزور السودان، حيث قدّم شرحًا مفصلًا عن التأثيرات الأمنية والإنسانية للحرب على دارفور.
وفقًا لوكالة السودان للأنباء (سونا)، ترأس الوفد البريطاني هارييت ماثيوز، المدير العام لشؤون إفريقيا بوزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية، والمبعوث الخاص ريتشارد كراودر. وخلال اللقاء، شدد مناوي على:
- الحصار المفروض على مدينة الفاشر، مما يمنع وصول المساعدات الإنسانية.
- تفاقم الأوضاع الأمنية في شمال دارفور بسبب هجمات الدعم السريع.
- الصمت الدولي الذي ساعد قوات الدعم السريع على التمادي في انتهاكاتها.
كما دعا بريطانيا إلى لعب دور أكثر فاعلية في فك الحصار عن الفاشر، وتمكين المنظمات الإنسانية من تقديم الإغاثة للنازحين.
الدعم الإماراتي وتأثيره على استمرار الحرب
في حديثه، أشار مناوي إلى دور الإمارات في دعم قوات الدعم السريع، محذرًا من أن هذا الدعم يسهم في استمرار الصراع، وداعيًا أبوظبي إلى وقف دعمها لقوات حميدتي للحفاظ على استقرار السودان.

كما شدد على ضرورة إجراء حوار سوداني شامل، لا يستثني أحدًا، للتوصل إلى برنامج وطني يمهد لمرحلة انتقالية ودستور دائم، لتحقيق الاستقرار السياسي.
سيطرة قوات الدعم السريع على دارفور والتصعيد العسكري
حاليًا، تسيطر قوات الدعم السريع على أربع ولايات من أصل خمس في دارفور، بينما تواصل فرض حصار خانق على الفاشر منذ مايو 2024. وقد أسفر القصف المدفعي المتكرر عن دمار واسع في البنية التحتية، لا سيما المرافق الصحية التي خرج معظمها عن الخدمة.
الدعم السريع يوقع “دستورًا انتقاليًا” ويمهد لحكومة موازية
في تصعيد سياسي جديد، وقعت قوات الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معها دستورًا انتقاليًا، بهدف تأسيس حكومة موازية، مما يثير مخاوف من تقسيم السودان.
ملامح “الدستور الانتقالي” الجديد
بحسب وكالة “رويترز”، يسعى هذا الدستور إلى:
- استبدال الدستور السوداني الذي تم توقيعه بعد الإطاحة بعمر البشير في 2019.
- إقامة دولة اتحادية علمانية مقسمة إلى ثمانية مناطق.
- إعطاء المناطق حق تقرير المصير في حال عدم تحقيق شروط معينة، أبرزها فصل الدين عن الدولة.
- إنشاء جيش وطني موحد، حيث تعتبر قوات الدعم السريع النواة الأولى لهذا الجيش.
- إجراء انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية، دون تحديد جدول زمني واضح.
وتأتي هذه الخطوة بعد توقيع ميثاق سياسي مبدئي في نيروبي، في فبراير 2025، لتشكيل حكومة موازية، وهو ما أثار أزمة دبلوماسية بين السودان وكينيا، حيث استدعت الخرطوم سفيرها لدى نيروبي احتجاجًا على استضافة الاجتماعات.
اتهامات بانتهاكات جسيمة
تواجه قوات الدعم السريع اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وسط تقارير أممية تشير إلى تورطها في أعمال عنف جنسي ونهب وقتل جماعي منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.
نزوح أكثر من 3 آلاف أسرة في شمال دارفور وسط تدهور الوضع الإنساني
هجمات انتقامية تجبر آلاف العائلات على الفرار
أفادت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من 3,000 أسرة نزحت من قرى دار السلام وكليماندو بولاية شمال دارفور، بسبب هجمات انتقامية من قوات الدعم السريع ردًا على مكاسب القوات المسلحة السودانية.
وشنت قوات الدعم السريع هجمات على 52 قرية في محلية دار السلام، ما أدى إلى:
- مقتل مدنيين ونهب المواشي.
- نزوح آلاف السكان إلى معسكر زمزم، الذي يبعد 12 كم عن الفاشر.
- نزوح 800 أسرة إضافية من قرية عد البيض بسبب تصاعد العنف.
إغلاق مراكز صحية بسبب نقص التمويل
في ظل تدهور الوضع الإنساني، توقفت ثلاثة مراكز صحية عن العمل في شرق السودان، كانت تقدم الخدمات لـ 30,000 شخص، بسبب تجميد التمويل الأمريكي الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن 335 مرفقًا صحيًا تأثروا بتجميد التمويل، منها 57 مرفقًا في دارفور، ما أثر بشدة على تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وخصوصًا للفئات الضعيفة.
تفشي الكوليرا يهدد حياة الأطفال
حذرت اليونيسف من تفشي وباء الكوليرا في ولاية النيل الأبيض، حيث يواجه 300,000 طفل خطر الإصابة، خاصة في مدينة كوستي.
إحصائيات خطيرة عن النزوح والمعاناة الإنسانية
- 605,000 شخص فروا من الفاشر ومناطق أخرى في شمال دارفور بين أبريل 2024 ويناير 2025.
- تدمير محطة معالجة المياه الرئيسية أدى إلى حرمان 150,000 شخص من المياه الصالحة للشرب.
- 65 شخصًا، بينهم 10 أطفال، لقوا حتفهم بسبب الكوليرا منذ يناير 2025.
أزمة دارفور.. إلى أين؟
في ظل استمرار النزاع، وتزايد الانتهاكات الإنسانية، تظل دارفور واحدة من أخطر مناطق النزاع في العالم. فهل ستتحرك المجتمع الدولي لحماية المدنيين وإنهاء الحصار، أم ستظل دارفور رهينة للحرب والمعاناة؟