منبر الجمعة : رعاية الأيتام في الإسلام

بقلم: علاء رمضان
خصصت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة لهذا الأسبوع للحديث عن اليتيم، مؤكدين ضرورة الإحسان إليه والرحمة والرأفة به، ليس ليومٍ واحد فقط، بل طوال العمر. فما أعظم أجر من كفل يتيمًا ومسح على رأسه، اتباعًا لتعاليم ديننا الحنيف وسنة نبينا الكريم ﷺ.
الحث على رعاية الأيتام
حث الإسلام على رعاية الأيتام والرحمة بهم، قال تعالى:
📖 “فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ” [الضحى: 9]، أي لا تحقره، ولا تظلمه، ولا تمنعه حقه، بل كن رحيمًا به.
وأمرنا الله بالإحسان إلى الأيتام في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى:
📖 “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ” [البقرة: 83].
نماذج من رعاية الأيتام في الإسلام
🔹 نشأة النبي ﷺ يتيمًا
وُلد النبي ﷺ يتيمًا بعد وفاة والده عبد الله بن عبد المطلب، فرباه الله وأدبه، فقال ﷺ: “أدبني ربي فأحسن تأديبي”. وخاطبه الله بقوله:
📖 “أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى” [الضحى: 6].
🔹 مريم بنت عمران وكفالة زكريا عليه السلام
فقدت السيدة مريم والدها، فكفلها النبي زكريا عليه السلام، وذكر القرآن ذلك بقوله:
📖 “وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” [آل عمران: 37].
🔹 كفالة النبي ﷺ لأبناء جعفر بن أبي طالب
عندما استشهد الصحابي جعفر بن أبي طالب، جاءت زوجته للنبي ﷺ تذكره بظروف أبنائها، فقال لها النبي: “العيلة والفاقة والفقر تخافين، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة”.
ثمار الإحسان إلى اليتيم
– لين القلب وتيسير الأمور
جاء رجل إلى النبي ﷺ يسأله عن طريقة لتليين قلبه، فقال له:
📜 “أتحب أن يلين قلبك؟” قال: نعم. فقال النبي ﷺ: “ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، فإن ذلك يلين القلب، وتقدر على حاجتك”.
– زيادة المال وبركته
الإنفاق على اليتيم من أسباب نماء المال وتطهيره، قال تعالى:
📖 “مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” [البقرة: 261].
– النجاة من عذاب الآخرة
قال الله تعالى في وصف الأعمال التي تنجي من العذاب:
📖 “فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ” [البلد: 11-16].
– مرافقة النبي ﷺ في الجنة
قال رسول الله ﷺ:
📜 “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى.
تحذير من أكل أموال اليتامى
– نهى الله عن أكل مال اليتيم بغير حق، فقال:
📖 “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” [النساء: 10].
– كما حذر من التهاون في رعايتهم، فقال:
📖 “كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ” [الفجر: 17-18].
– وأمر بالإصلاح في أموالهم:
📖 “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ” [البقرة: 220].
ختامًا
نسأل الله أن يجعلنا من الكافلين للأيتام، والمشفقين عليهم، وأن يرحم والدينا، ويغفر لهم، ويجزيهم عنا خير الجزاء.
بقلم: علاء رمضان عبدالله
خطيب أوقاف القناطر الخيرية