أراء وقراءات

ناس تعرق.. وناس لاتعرف العرق 

 

بقلم/خالد طلب عجلان

بعد قيام ثورة يوليو 1952 بمصر صدر قانون الإصلاح الزراعي مبكرا في 9 سبتمبر 1952 – في عهد الرئيس محمد نجيب- وطبقه جمال عبد الناصر. وينص القانون على تحديد الملكية الزراعية للأفراد، وأخذ الأرض من كبار الملاك وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين.

وصدرت تعديلات متتالية حددت ملكية الفرد والأسرة متدرجة من 200 فدان إلى خمسين فدان للملاك القدامى. وعرفت هذه التعديلات بقانون الإصلاح الزراعي الأول والثاني وأنشئت جمعيات الإصلاح الزراعي لتتولى عملية استلام الأرض من الملاك بعد ترك النسبة التي حددها القانون لهم وتوزيع باقي المساحة على الفلاحين الأجراء المعدمين العاملين بنفس الأرض، ليتحولوا من أجراء لملاك. وصاحب هذ القانون تغيرات اجتماعية بمصر ورفع الفلاح المصري قامته . وتوسعت بالإصلاح الزراعي زراعات مثل القطن وبدأ الفلاح يجني ثمار زرعه ويعلم أبنائه ويتولى الفلاحين حكم أنفسهم وانهارت طبقة باشوات مصر من ملاك الأرض الزراعية

ولكن أشك أن يكون هذا القانون تم تطبيقه كما ينبغي .فمازال غالبية القلاحين الفلاح لايملكون شيئا. رغم انههم الذين يعلم سر تلك الأرض وطريقة فلاحتها منذ الآف السنين .فالفلاح المصري تفوق إمكانيته وصبره وخبرتة أي معدات حديثة أو أي ماكينة تم إختراعها.

قصر بغداد إحدي قرى مركز كفر الزيات محافظة الغربية.. تشهد معاناة كبيرة وكأن هذا القانون لم يسمع به هؤلاء اللذين يملكون كل شئ في هذة القرية الفقيرة. على مدار أعوام مضت وبعد صدور هذا القانون ومازال الفقير فقير والغني يملك كل شئ . النساء والأطفال والرجال كلم يعملون فى أرض هؤلاء.

الإقطاعيون قصور وخيول ومواشي وأموال ،والفلاح يعرفه الجميع من جلبابه المهلهل ومن شاله المتسخ ومن حذائه الممزق .وفوق كل هذا نعرفه من  رائحة عرقه ، فهو جزء من الأرض والأرض جزء منه.

عاشت هذه القرية قبل الثورة عصر من الظلم والقسوة والإستعباد. كان ممنوع على أبناء هؤلاء الفلاحين الذهاب إلى المدارس ومن يذهب كان ينال عقابه

وقال لي الحاج سيد عمران وهو فى عمره الـ  90تقريبا الأن : كنا نضرب ونعلق من أرجلنا أمام نسائنا وأطفالنا أذا مرضنا أوتعبنا يوما ولم نستطع الذهاب إلى الوسية

كان يأتى خفير العمدة ويقول الأجرة لك ياعتبة ، ويقصد صاحب الدار، يقولها بنوع من التعالى والإستكبار

متجاهلا صاحب الدار. ويرمي على الإرض بعدة قروش يقوم بأخذها صاحب الدار من على الإرض، كانوا لا يأكلون ولا يكسون أنفسهم ولا توجد بيوت مناسبة تأويهم.

والأن وبعد صدور هذا القانون منذ اكثر من 65 عاما. هل للفلاح في هذه القرية  أرض ؟هل له بيت ؟هل له عيشة كريمة له ولأولاده.

ذهبت إلى طريق مصر إسكندرية الزراعى ورأيت الأف الأفدنة يملكها شخص ، وكذلك فى توشكى وفى الفرافرة والوادى الجديد. كيف يملك رجال الأعمال كل هذة الأرض وبإسعار قليلة جدا جدا ؟.

عاد الزمن إلى الخلف ، وإختفت الطبقة الوسطى ، وعاد الإقطاعي وظهر الفلاح بثوبه كما هو . مازلنا فى عصر الوسية حتى اللحظة ومن تغير الاسم من الوسية الى المزرعة . واصبح من مستلزمات الثراء امتلاك مزرعة يتمتع فيها الأغنياء بالهواء النقي وببالثمار الطيبة ،والأهم الاستمتاع بذل القلاحين وعمال الأرض الفقراء الذي يتسابقون لخدمة الأسياد بمجرد سماع صوت كلاكس السيارة من بعيد .

في قريتى التابعة لمركز القناطر الخيرية يمتلك رجل واحد قصر لإحدى ملكات الإسرة الحاكمة قبل الثورة ويمتلك مساحة كبير من الأرض والفلاحين لا يملكون الا قليل.

مازالت أيدي الفلاح تعمل وأيادي أخرى تحصد،

مازال الفلاح جائعا وبطون أخرى تشبع،

مازال الفلاح مريضا عاريا،

مازال الفلاح بلا تأمين صحى،

مازال بلا دخل ثابت يقيه على قيد الحياة

مازالت جباه تعرق..وجباه لاتعرف العرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.