نفحات رمضانية ( 6).. شفعاء بني آدم

بقلم: علاء رمضان
كلنا مقصر، وطبيعة البشر أنهم يخطئون، كما قال النبي ﷺ:
📖 “كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون” (رواه الترمذي).
لذلك، نحتاج إلى شفعاء يشفعون لنا يوم القيامة، حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. فمن هم هؤلاء الشفعاء؟
1- الشفيع الأول: العمل الصالح
قال النبي ﷺ لابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها:
📖 “اعملي فإن أباك لن يغني عنكِ شيئًا” (رواه البخاري).
فالعمل هو الدليل على الإيمان، ولذلك قرن الله بين الإيمان والعمل الصالح في كثير من الآيات:
📖 “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا” (الكهف: 107).
2- الشفيع الثاني: الصيام
يوم القيامة، يشفع الصيام لصاحبه، كما جاء في الحديث:
📖 “يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه، فيُشفع” (رواه أحمد).
فهو عبادة خاصة بين العبد وربه، يجزي الله بها بلا حد، وجعلها سببا للمغفرة والشفاعة.
3- الشفيع الثالث: القرآن الكريم
القرآن يشفع لأهله، كما قال النبي ﷺ:
📖 “يقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيُشفع” (رواه مسلم).
فهو نور في الدنيا وشفيع في الآخرة، فمن لازم تلاوته وتدبره والعمل به، كان له شفيعًا يوم القيامة.
4- الشفيع الأعظم: النبي محمد ﷺ
رسول الله هو شفيع الأمة، لكنه لا يشفع إلا لمن أطاعه واتبع سنته، كما قال ﷺ:
📖 “البخيل من ذُكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ” (رواه الترمذي).
📖 “كنت واقفًا عند ميزان أحدكم، فإن رجح وإلا شفعت له” (رواه الطبراني).
وقد أمرنا الله بالصلاة والسلام عليه، فقال:
📖 “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” (الأحزاب: 56).
5-الصديق الصالح
الصديق الصالح يأتي شفيعاً لصاحبه يوم القيامة .. قال الإمام قتادة عند قول الله تعالى ﴿ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ،وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ﴾ “يعلمون والله أن الصديق إذا كان صالحا نفع وأن الحميم إذا كان صالحا شفع “.
الصحبة الصالحة لها فوائد دنيوية وأخرى دينية ، ومن أجلِّ فوائدها الدينية ما يكون يوم القيامة من شفاعة بعضهم لبعض بإذن ربِّهم تعالى .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى ( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ ) – : ” ( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا ) أي : يوم القيامة ( حَمِيمٍ ) أي : قريب أو صديق يشفع له لينجو من عذاب الله أو يفوز بثواب الله ، ( وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) ، ( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) ” انتهى من ” تفسير السعدي ” ( ص 884 ) .
وشفاعة المؤمنين بعضهم لبعض ثابتة بالنص النبوي الصحيح ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَال َ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ … فذكر الحديث ، وذكر مرور المؤمنين على الصراط وفيه ذكر شفاعتهم في إخوانهم الذين دخلوا النار ( وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ يَقُولُونَ : رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ( اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ ) وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ ( اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ ) فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ ( اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ ) فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : ” فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي فَاقْرَءُوا ( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ) فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ … . رواه البخاري ( 7001 ) ومسلم ( 183 ) .
والشفاعة يوم القيامة لها شروط ثلاثة لا تكون حتى تتحقق جميعها ، وهي :
1. إذْن الله سبحانه وتعالى للشافع أن يشفع .
2. رضاه سبحانه عن الشافع .
3. رضاه سبحانه عن المشفوع فيه .
فلنجتهد في العمل الصالح، والصيام، وتلاوة القرآن، والاقتداء بالنبي ﷺ، ومصاحبة الصالحين حتى نكون من الفائزين بشفاعتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون.
🤲 لا تنسوا الدعاء لوالدي بالرحمة والمغفرة.
بقلم: علاء رمضان عبدالله
خطيب أوقاف القناطر الخيرية