وثيقة تعارف

بقلم/ محمد الخمارى
عُلِمَ بالضرورةِ أنَّ عِلْمَ الطِّبِّ هو أشرفُ العُلومِ الدُّنيويَّةِ على الإطلاقِ لتعلقه بذاتِ الإنسانِ الذى هو أشرفُ الكائناتِ، وهذا التكريمُ لا شرطَ فيه ولا استثناءَ فالنَّاسُ فيه سواءٌ صالحُهُم وطالحُهُم وبَرُّهُم وفاجِرُهُم أمام الدستورِ والقانونِ والشرائعِ فى أبواب المعاملات كالبيع والشراء وحفظِ الأموالِ والأنفسِ والدماءِ والأعراضِ لا فضلَ لأعلاهم على أدناهم إلَّا بما تحقَّقتْ به المصلحةُ ودوامُ سيرِ الحياةِ.
أمَّا إذا انحرفتْ المعاييرُ والفطرةُ السليمةُ فلا حاجةَ للقانون والدستور ومنظمات حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني مع كائن أشبه بأعجاز النَّخلِ الخاويةِ وأصبحتْ حقوقُ الإنسانِ بلا إنسانٍ والبيوتُ بلا سُكَّانٍ وتُطبَّقُ اللوائحُ والقوانينُ ولكن للأسف تُطبَّقُ فى أدراج المكاتب والدواليب.
وما يُثيرُ الدهشةَ أنَّ الواقعَ الأليمَ يُخالفُ ويُقاتلُ النظرياتِ العلميةَ ويَدُسُّها في الترابِ التى كثيراً ما تقرر فى مناهجِها أنَّ التقدمَ العلميَّ والتكنولوجىَّ يتمخَّضُ أجيالاً واعيةً فكراً وسلوكاً وتعايشاً جنباً إلى جنبٍ.
بينما رفع هذا الجيلُ لواءَ الانحلالِ العامِ وشَحَذَ سيفَهُ وأغرقَهُ فى السُّمِّ ونزل فى الميادين والساحات يقضى على الأخضر واليابس ويَطْمِسُ معالمَ الخيرِ ويُطفئُ سِراج العلمِ والمعرفةِ والنَّجاةِ ويْكأنَّهم تتارُ العصرِ الحديثِ يقتلون النِّساءَ والعواجزَ والصِّغارَ ويعثون فى الأرضِ الفسادَ وفعلوا ما لمْ يفعلْهُ أتباعُ فرعونَ من استحياءِ النساء ( تركهنَّ أحياء)، لا يعرفون من حضارات الماضي إلَّا تجارةُ الآثار كأنَّهم أعداء الأجداد ولِما لا وقد أصبح من الواضحِ الجلىِّ استحالةُ الشَّبهِ بين جينات الماضي والحاضرِ ولا يشتهون من الماضي إلَّا الجبنة القديمة…….. أنا مش عارفنى.

كاتب صحفي وخبير استراتيجي