العالمالمجتمعتقارير وتحقيقات

أبرز مشاكل العائدين إلى أوطانهم بعد طول غياب

صورة تعبيرية لحالة التشتت التي تصيب المغترب
صورة تعبيرية لحالة التشتت التي تصيب المغترب

الغياب لسنوات في وظيفة ما في دولة أجنبية، قد تؤدي العودة إلى الوطن إلى الشعور بالعزلة، فكيف يمكنك أن تتكيف من جديد مع العيش في وطنك بعد طول غياب؟

كيف يمكن أن يؤثر السفر إلى دولة أجنبية من أجل العمل لسنوات على شعورك بالهوية، والانتماء لدى عودتك إلى وطنك؟ شارك العديد من قراء موقع “بي بي سي كابيتال” في الرد على هذا السؤال المطروح، وعرضوا تجاربهم المدهشة في هذا الإطار.

وفي الواقع، تمكن العديد من المستخدمين -من خلال عرض تجاربهم- من تقديم بعض النصائح المفيدة التي تساعد على التكيف من جديد في وطنك بعد غيابك عنه لسنوات.

لا مكان مثل الوطن

في تعليق على موقع فيسبوك، وصفت المستخدمة وندي سكورتش تلك الظاهرة بـ “الصدمة الثقافية العكسية”، وقالت في تعليقها: “هناك شعور بالغربة يشبه نوعا ما الشعور بعدم امتلاك وطن، والذي يصاحب هذه الظاهرة. وحينها يصبح الشعور بأنك لم تعد مطلقا في وطنك أينما ذهبت شعورا واقعيا”.

وهناك بالفعل كثير من الناس ممن يمكن التعرف عليهم بسهولة، من الذين يجدون صعوبة بالفعل في إعادة غرس جذورهم مرة أخرى لدى عودتهم إلى الوطن.

فهذا بيت جونز، الذي غادر المملكة المتحدة في عام 2000 للعيش في الدنمارك، وهولندا، وأخيرا في سويسرا، كتب يقول: “أستمتع حقا بزيارة المملكة المتحدة لأيام قليلة، ثم أشعر بالحاجة إلى مغادرتها؛ فهي لم تعد وطنا لي بعد”.

وأضاف جونز: “لا أعتقد أنني سأشعر يوما بأنني سويسري، لكنني أستمتع بالحياة هنا. وبصراحة، لم أعد أدري أين هو وطني بعد الآن”.

“لقد تغيرت كثيرا”

يقول المستخدم البريطاني جون سيمبسون: “تجنب ألا تعود إلى وظيفة مشابهة في نفس موقع العمل السابق، ومع نفس الأشخاص. فسوف يكون هناك نفور متبادل، وسوف تبدو شؤونهم اليومية تافهة بالنسبة لك.”

وقد وجدت فيسنا توماس، التي عادت إلى بلدها في سيدني باستراليا بعد أن قضت 16 عاما في الغربة ما بين الولايات المتحدة وسنغافورة، أنه من الصعب أن تكتسب أصدقاء جددا وهي في أواخر سن الأربعين.

وفي نهاية المطاف أقامت ناديا لتبادل الكتب، وعملت بدوام جزئي، وشاركت في أنشطة تطوعية في إحدى المدارس.

وتقول توماس: “الأمر المثير للعجب هو أن جميع أصدقائي في نادي الكتب ذلك كانوا من المغتربين القادمين من الخارج، وبالتالي يتقاربون من بعضهم البعض لأنهم يعرفون التجربة التي يمر بها كل شخص منهم”.

وبالفعل، يجد العائدون حديثا إلى وطنهم راحتهم في التعامل مع أشخاص أجانب ممن قدموا من بلدان أخرى، للعيش أو العمل، وذلك لأنهم في الغالب يعيشون تجارب متشابهة.

وبالنسبة لآخرين غيرهم ممن يجدون صعوبة في التكيف من جديد داخل أوطانهم، تعد العودة إلى الوطن مثل قبول وظيفة جديدة في بلد أجنبي.

وكتبت المستخدمة كاترينا غونيرمان تقول: “قررت أن أتعامل مع تجربة العودة إلى الوطن كأنه تكليف وظيفي آخر للعمل بالخارج، لكنه في هذه المرة في مكان أكثر ألفة بالنسبة لي، حيث أعرف اللغة الأصلية فيه جيدا. وقد ساعدني هذا كثيرا في عملية التكيف”.

وكتب المستخدم مارك سيباستيان يقول: “كنت قد غاردت إلى الخارج لنحو 30 عاما، وعندما أعود إلى بلدي، الولايات المتحدة، أتعامل معها على أنها دولة أجنبية أخرى، ولذا كنت أتعجب من سهولة إنجاز المهام اليومية”.

ولعل رد الفعل الأكثر إثارة في هذا الأمر، فيما يتعلق بسؤالنا حول النصائح المفيدة لإعادة الاندماج في الوطن بعد العودة من الخارج، كان في صورة تحدٍ منطقي على ذلك السؤال نفسه.

فقد وجد الكثير من مستخدمي الموقع أن الاستقرار من جديد في الوطن الأصلي كان أمرا صعبا بالفعل، لكنه ليس ضروريا على الإطلاق.

يقول نيكول جونز، الذي يحمل ثلاثة جوازات سفر، وعاش في خمس دول مختلفة: “أنا لا أضع نظارات تظهر الأمور الوردية فقط في أي مكان أذهب إليه، وبالتالي أستطيع أن أرى ما هو جيد، وما هو سيء بوضوح. ولذا، أشعر أنني مواطن عالمي، وأفتخر بذلك”.

وتقول باولا ألفاريز-كوسيرو: “أنت لا تندمج مرة أخرى، بل تدرك أنه بعد العيش في العديد من الثقافات المختلفة، تتغير شخصيتك وطريقة تفكيرك، وبالتالي فإنه من الخطأ أن تحاول أن تتأقلم مع ما كان عليه وضعك قبل أن تسافر، لأن ذلك سوف يلغي أي اعتبار للتطور الذي وصلت إليه شخصيتك”.

وتخبرنا كل هذه التعليقات أن تعريف الوطن والهوية بالنسبة للمغتربين ليست مهمة سهلة أو مباشرة.

وبالنسبة لهؤلاء الذين يكافحون من أجل استعادة هويتهم بعد عودتهم من الغربة، ربما يمكن أن يجدوا الإجابة لدى هؤلاء المواطنون “العالميون”، الذين تعد مسألة العودة إلى الوطن والتأقلم فيه أمرا اختياريا وليس إجباريا بالنسبة لهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.