كتب. إبراهيم عوف
ألقى السفير أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة في المؤتمر الـ32 للاتحاد البرلماني العربي، أعرب فيها عن سعادته بالمشاركة في أعمال المؤتمر 32 للاتحاد البرلماني العربي، وبلقاء هذا الجمع الكريم من رؤساء البرلمانات ومجالس الشورى والأمة وممثلي الشعوب العربية، متمنياً للمؤتمر التوفيق والنجاح لتحقيق ما تصبو إليه الشعوب العربية.
مرحلة تاريخية صعبة في عمر الأمة العربية
وقال الأمين العام للجامعة العربية، إنّ عالمنا العربي وكما تتابعون جميعا يمر بمرحلة تاريخية صعبة، حيث تتسع رقعة التهديدات الجيوسياسية، وتزداد حدة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها مجتمعاتنا وحكوماتنا.
استقرار المنطقة العربية مرتبط بحل القضية الفلسطينية
وأضاف أبوالغيط، أنّ العالم العربي لا زال يواجه أطماع إقليمية خطيرة وسياسات توسعية وهجومية، تنتهجها بعض القوى في الإقليم بغرض بسط الهيمنة والنفوذ، وقبل ذلك كله وبعده، تظل القضية الفلسطينية هما عربيا نحمله جميعا ونضطلع بمسؤوليته، ولديّ اقتناعٌ راسخ بأنّ السلام والاستقرار والأمن لن يتحقق في هذه المنطقة من العالم، سوى بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع أمين عام الجامعة العربية: «يتوجب علينا الانتباه لما يمر به هذا الصراع الطويل من تغيرات مهمة تستحق الوقوف عندها، فلم يعد الحديث عن عنصرية الاحتلال وانتهاجه سياسة التطهير العرقي اتهاما غريبا على الأسماع في العالم، بل صارت هناك منظمات دولية، ومؤسسات أهلية، ودول وحكومات تُعبر بوضوح عن رأيها في الاحتلال الإسرائيلي، باعتباره تجسيد لعنصرية مقيتة مضى عليها الزمن، وحالة شاذة من ممارسة التطهير العرقي الذي تجاوزه العالم، ورفضته الحضارة الإنسانية».
نضال فلسطين
وأكد أبوالغيط، أنّ الحقيقة أنّ النضال من أجل القضية الفلسطينية ومن أجل الحق الفلسطيني، صار يدور على جبهاتٍ مختلفة وبوسائل متعددة، ويمنحنا الشعب الفلسطيني بصموده على أرضه، وتمسكه بحقوقه، وفضحه لممارسات الاحتلال العنصرية، أقول يمنحنا الشعب الفلسطيني أسلحة مهمة في معركتنا من أجل كسب الرأي العام العالمي لصالح قضيتنا العادلة، باعتبارها قضية سياسية وإنسانية على حدٍ سواء، وعلينا أن نطور أدواتنا وأساليبنا في مخاطبة المجتمع المدني عبر العالم، وعلى نحوٍ يفضح الواقع اليومي للفلسطينيين تحت الاحتلال، وهو واقع مؤلم لكل أصحاب الضمير، ومخزٍ لكل من يعتبرون عصرنا هو عصر حقوق الإنسان.
دور البرلمانات العربية
وأوضح الأمين العام للجامعة العربية، أنّه لا شك أنّ للبرلمانات العربية وما تمارسه من مهامٍ دبلوماسية مختلفة، دور أساسي في هذه المعركة، فرسالتنا لا ينبغي أن تصل للحكومات وحدها، وإنّما للشعوب وممثلي الشعوب، ويتعين أن تكون هذه الرسالة مؤثرة ونافذة، وأن تستند في تفاصيلها على المعلومات الصحيحة، والمتابعة الدقيقة لما يجري على الأرض الفلسطينية المحتلة، ويتعين كذلك أن تكون رسالتنا موحدة ومتسقة، وبحيث تُحدِث الأثر المطلوب، بالتراكم ومواصلة العمل مع البرلمانات في مختلف دول العالم، خاصة في عواصم التأثير والقرار الدولي.
وقال أبوالغيط، إنّ التهديد الأكبر الذي يواجه منطقتنا، يتمثل فيما تعرضت له بعض الدول العربية من أزمات طاحنة مزقت نسيجها الوطني، وعصفت بمؤسساتها واستقرارها السياسي، الجراح ما زالت مفتوحة ونازفة في سوريا وليبيا واليمن، وما زالت التسوية السياسية للأزمات في هذه الدول تواجه تحديات صعبة، خاصة مع كثافة التدخلات الدولية والإقليمية فيها، وغني عن البيان أنّ الصراعات الممتدة تؤثر على الكيان العربي بأكمله، وتُلقي بظلالها على الاستقرار الإقليمي بما تفرزه من مُشكلات أمنية وإنسانية، واضطرابات اقتصادية واجتماعية.
إدانة بأشد العبارات لإرهاب ميليشيات الحوثي
ولفت إلى أنّ استمرار الأزمات يُمثل بيئة مثالية لاستفحال مخاطر الإرهاب والتطرف، فضلا عن انتشار الميلشيات والجماعات المسلحة، ورأينا ما أقدمت عليه ميلشيا الحوثي مؤخرا من استهداف جبان لأهداف مدنية في الإمارات العربية المتحدة بالصواريخ والمسيرات، وإننا ندين بأشد العبارات، هذه الأعمال الإرهابية سواء في مواجهة الإمارات أو المملكة العربية السعودية، ونؤكد أنّ هذه الميلشيا، ومن يقف وراءها ويمدها بالسلاح والتأييد السياسي، إنما تُمثل تهديدا خطيرا على الأمن الإقليمي، بل وعلى سلامة الممرات البحرية، بحكم الموقع الاستراتيجي الذي تحتله اليمن على البحر الأحمر.
وفيما يتعلق بالإرهاب، أكد أبوالغيط، أنّ الحرب عليه تُمثل جهدا متواصلا وعملا متراكما، لا ينبغي أن يتوانى أو يتراجع طالما ظلت هذه الآفة الخطيرة كامنة في بعض العقول للأسف، ومن المهم أن تظل البرلمانات العربية في طليعة الجهد الذي تباشره دولنا وحكوماتنا من أجل التحذير من خطر هذه الظاهرة الإجرامية على تماسك المجتمعات واستقرارها، وعلى جهود التنمية واستمرارها، فصوتكم هو في النهاية صوت الشعوب العربية التي ترفض أغلبيتها الكاسحة ممارسة العنف باسم الدين، وتتبرأ من قتل الإنسان أو تخريب العمران.
وأكد أمين الجامعة العربية، أنّ شعوبنا العربية تعوّل عليكم في تعزيز التعاون البرلماني بين الشعوب العربية، باعتباره محورا جوهريا في التضامن العربي، كما تتطلع إلى رؤية عمل ممثلي البرلمانات العربية على مستوى طموحاتها في تبني قضايا المواطن العربي، لذا فإنني أناشدكم العمل باستمرار على تعزيز التنسيق والتعاون فيما بينكم لمواجهة الأخطار والتحديات التي تهدد الأمن القومي العربي بمختلف أبعاده.
وأتمّ أبوالغيط كلمته، قائلا: «لا يسعني إلا أن أجدد تمنياتي بنجاح أعمال مؤتمركم على أملِ أن يُتوجَ بتوصيات وقرارات ترتقي إلى حجم المسؤولية الملقاة على عاتقكم في هذه المرحلة المهمة من تاريخ أمتنا العربية».