أديس أبابا فى رسائل تهديد لدول القرن الأفريقى: إثيوبيا ستحصل على منفذ بحرى بكل الوسائل

كتبت : د.هيام الإبس
جدد الرئيس الإثيوبى تايى أتسكى سيلاسى أمام جلسة مشتركة للبرلمان التأكيد أن ضمان “وصول مباشر وموثوق” إلى الموانئ البحرية يعد أولوية استراتيجية ستلاحقها الحكومة عبر الوسائل الدبلوماسية والسلمية ووفق القانون الدولى.
وربط الخطاب هذا الهدف بتعزيز الدور الجيوستراتيجى والانتقال من موقع “المراقب” إلى “الفاعل والمؤثر”، مع التشديد على تلازم ملف البحر مع إدارة الموارد العابرة للحدود وفى مقدمتها نهر أباى باعتبارهما “أساسيين” للتنمية الوطنية.
أبرز الرسائل والسياسة العامة
شدد الرئيس على أن إثيوبيا لا بد أن تضمن حقها فى الوصول الموثوق والمستدام إلى البحر عبر مسار سلمى ودبلوماسى يحترم القانون الدولى، مؤكداً تنامى القبول الدولى لمشروعية هذا الهدف.
وقال تايى: “يجب على إثيوبيا أن تضمن حقها فى الوصول المباشر والموثوق إلى الموانئ البحرية، عبر مواصلة الجهود الدبلوماسية والسلمية ووفق القانون الدولى” فى عرض لأداء السياسة الخارجية وأولويات العام المالى الجديد.
أباى وسد النهضة.. ركيزتان للتنمية
ربط تايى بين ضمان الوصول إلى البحر وإدارة نهر أباى باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لمستقبل التنمية الوطنية، فى رؤية تكاملية للممرات التجارية والطاقة والأمن الملاحى.
وأشار إلى ثلاث نتائج رئيسية: اكتمال وافتتاح سد النهضة، تصاعد الاعتراف الدولى بأولوية الوصول البحرى الموثوق، وتعزيز جهود إعادة المواطنين وإشراك المغتربين فى التنمية.
السياق الإقليمى والجدل منذ 2024
أعاد رئيس الوزراء آبي أحمد فى مطلع 2024 طرح “حق تاريخى” لمنفذ بحرة قبل أن يؤكد لاحقاً السعى عبر “وسائل قانونية وسلمية”، ما أطلق نقاشات واسعة فى القرن الأفريقى.
وأثار توقيع مذكرة تفاهم مع “أرض الصومال” اعتراضًا رسمياً فى مقديشو ونقاشًا حول الشرعية وتداعيات الخطوة على أمن الملاحة فى البحر الأحمر وخليج عدن.
القانون الدولى والوصول المتكافئ
دعا تايى على منبر الأمم المتحدة إلى “وصول متكافئ” للبحرين الأحمر والمحيط الهندى باعتبارهما إرثًا مشتركًا، ضمن نهج شامل يوازن بين التنمية والأمن عبر الدبلوماسية.
يتقاطع ذلك مع رسائل رسمية تؤكد رفض استخدام القوة وتفضيل ترتيبات “المنفعة المتبادلة” مع الجوار البحرى كخيار مستدام.
اعتماد مرتفع على ميناء جيبوتى
وتعتمد إثيوبيا على ميناء جيبوتى لأكثر من 90% من تجارتها مع تقديرات تفوق 95%، ما يفرض كلفة لوجستية مرتفعة ويعزز دوافع تنويع المنافذ البحرية.
ويواكب ذلك اكتمال سد النهضة والدفع بمشاريع الربط الإقليمى، ما يمنح أجندة “المنفذ البحرى” زخماً إضافيًا فى التخطيط التنموى.
توترات مع الصومال وإريتريا
تسببت مذكرة “أرض الصومال” فى توتّر سياسى مع مقديشو، فيما برزت تصريحات داخلية عن أن “عودة” استخدام ميناء عصب الإريترى “مسألة وقت” ضمن خيارات متعددة قيد التداول.
تحذّر تحليلات دولية من أن اندفاعًا غير منسق قد يزعزع الاستقرار إن غابت الأطر القانونية والأمنية المتوافق عليها إقليميًا.
منصب الرئاسة وديناميات الحكم
انتخب البرلمان تايى أتسكى سيلاسى رئيساً فى أكتوبر 2024 فى منصب تمثيلى ضمن نظام تتمركز فيه السلطة التنفيذية لدى رئيس الوزراء، ما يجعل خطاب الرئاسة مؤشّراً لاتجاهات الدولة.
تمنح المنصة الرئاسية وزناً لبلورة الرسائل السيادية وتثبيت الأولويات الاستراتيجية فى ملفات حساسة كالوصول إلى البحر وإدارة أباى.
مسارات تفاوض وفرص
يُرجح المضى فى تفاوض ثنائى ومتعدد الأطراف مع جيبوتى وإريتريا والصومال على قواعد “ربح–ربح” وترتيبات أمن ملاحى وقانونى واضحة لطمأنة الهواجس السيادية.
سيُقاس النجاح بمدى تحويل “القبول الدولى المتزايد” بالمطلب الإثيوبى إلى ترتيبات عملية تحترم القانون الدولى وتحد من مخاطر التصعيد فى بيئة شديدة الحساسية.