احدث الاخبار

أزمة الأمة .. التغيير يبدأ بالفكر ..بقلم : علاء الصفطاوي

أزمة الأمة .. التغيير يبدأ بالفكر ..بقلم : علاء الصفطاوي 2
صورة تعبيرية

يتفق الجميعُ على أنّ الأمة المسلمة تمر بمرحلةٍ صعبة من التمزّق والتفكك وضَياع الهويّة، وانهيار المؤسسات، وتقف عاجزةً عن أن تخرج من حالة التيه التي تتردّى فيها، والتي بدأت ملامحها تظهر في الأفق في أعقاب الفتنة التي اجتاحت عهد الخلافة الرَّاشدة، نتيجة الصراع بين رجال دولة المدينة الملتزمين بسياسة الإسلام العامة، كالحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وضي الله عنهما، وبين رجال القيادة السياسية من أسر الحكم وزعماء القبائل، مما نتج عنه عزلة علماء الإسلام عن ميدان الحكم.

وتفاقمت هذه الأزمة وطال أمدها لعدة قرون، مما ترك أبلغ الأثر على الفكر الإسلامي، إذ ترتَّب على ذلك أن وُلدت مدرسة التقليد والمحاكاة، والوقوع في براثن النظر الجزئي وأحادية المنهج في التعامل الوحي السماوي والنصوص الدينية، وهنا نجد التاريخ الإسلامي يقف عند الصدر الأول، وأصبحنا نعيش في ظلال الذكريات وقصص السابقين،  وأدّى هذا إلى المبالغة في التقديس لرجال وأحداث كان من المفترض أن تكون محل نظر الدارسين وتقييم المختصين  .

وقد جفت البذور الفكرية للأمة، مما أدى إلى العجز الفكري والجهل السياسي، وغاب عن حياة المسلمين نموذج الحاكم الصالح والعالم الناصح .

وأصبحت الأمة تعاني من :

* قيادة سياسية ليس لها قاعدة فكرية تستند إليها، وتستقي فكر الحلول لمشاكلها ووسائل التطور لمجتمعاتها من هذه القاعدة .

* وقيادة فكرية دينية وقعت في قبضة الاستبداد والقهر والتدهور السياسي والاجتماعي .

ومن هنا جاء غزو المغول، ثم الغزو الصليبي والوقوع في براثن ومخالب الاستعمار والتسلط الأجنبي على الأمة، والذي أدى بدوره إلى توجه الأمة وقيادتهاإلى منطلقات للحل بالتقليد الحضاري الأجنبي طوعًا وانبهارًا .. أو كرهاً وخضوعًا، كما يقول ابن خلدون في مقدمته المشهورة : المغلوب مولعٌ دائمًا بتقليد الغالب . فاتسعت الهوة الحضارية، وأصبحنا نعيش في عالم ثالث متخلف عن ركب الحضارة بمئات السنين !

ونشير عنا إلى أنّ الأمة التي تعيش رهينة الماضي، وفي ظلال أحلام الصور التاريخية، إنما تعيش ضد حركة الزمان والمكان والفكر والتقدم .ومن هنا يجب البحث عن طريق جديد لقادة الأمة ومفكريها، في محاولة جادة للتغيير تتفادى المسالك المسدودة والمناهج العقيمة .

ومن هذا المنطلق فإن الغيورين على أمتنا يحب أن يعملوا على تغيير هذا الواقع المأساوي، وإحداث التغيير المنشود .. في سبيل تحقيق الأمل المعقود .وهذا لن يتأتّى إلا من خلال فهم الداء ومعرفة أصل نشأته وأثاره، وتتابع مضاعفاته في الجسد الإسلامي، وفي التاريخ الإسلامي كذلك، ثم وصف الدّواء وبيان نوعية الجهد المطلوب للإصلاح . وهذا التغيير لا بد أن يبدأ بالفكر، لان الفكر هو المقدمة الطبيعية لكل عمل يُراد إحداث تغيير من ورائه .

وإذا كان الإسلام هو الذي يُشكل للأمة الفكر الأساسي، ولما كان هو الذي يمثل روح الأمة ويصوغ وجدانها ويستحيش ضميرها، ويوقد فيها الطاقة القادرة على الإبداع والتصدي والمقاومة، فإن الفكر الصحيح هو بالضرورة الفكر الإسلامي البعيد عن الندب والنواح، أو معاني الحماسة الزائدة، أو الخطب الحماسية التي لا تغير واقعًا .. ولا تُصلح فاسدًا !

وإنما الفكر القائم على إصلاح مناهج التربية، وإعادة بناء طاقات النفوس، وامتلاك ناصية المعرفة، وجلُّ هذا لن يتأتى إلا بالعودة إلى النبع الأصيل لأمتنا من إنتاج فكري رصين ساهم في نهضتها من قبل، وكذلك بالبناء على ما وصل إليه غيرنا في ميدان العلم والتقدم، كما فعلوا هم معنا من قبل، يوم أن كانت حضارتنا تحيا أزهي عصورها .. وأروع لحظات تاريخها  .

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.