أزمة نقص الكهرباء فى زامبيا بسبب موجة الجفاف غير المسبوقة

كتبت : د.هيام الإبس

فقدت زامبيا الكثير من احتياجاتها من الكهرباء وانقطعت الكهرباء لساعات أو حتى أيام بسبب اعتمادها الكبير على الطاقة الكهرومائية التى ينتجها سد كاريبا الضخم، إذ أن منسوب المياه فى السد منخفض للغاية لدرجة أنه بالكاد يستطيع إنتاج الكهرباء
وزادت حدة أزمة الطاقة التى تعانيها زامبيا إثر تراجع توليد الطاقة الكهرومائية بسبب موجة جفاف غير مسبوقة منذ عقود عدة، ما دفع الحكومة إلى زيادة فترات انقطاع الكهرباء إلى 21 ساعة يومياً.

الجفاف الناجم عن ظاهرة النينو

تفاقمت أزمة نقص الكهرباء فى زامبيا بسرعة كبيرة فى الآونة الأخيرة، بعد أن تسبَّب الجفاف الناجم عن ظاهرة النينو بانخفاض مستويات المياه فى سدود الطاقة الكهرومائية.

زيادة تعرفة الكهرباء
ومن المتوقع أن تستنفد الدولة مخصصاتها من المياه فى أكبر سدود الطاقة الكهرومائية، كاريبا، وهو الأمر الذى دفع هيئة تنظيم الطاقة فى زامبيا إلى دراسة الطلب المقدّم من شركة زيسكو لزيادة تعرفة الكهرباء بنسبة تصل إلى 156%، بوصفها إجراءً طارئًا لتغطية الخسائر الناجمة عن الجفاف.

تراجع توليد الطاقة الكهرومائية

حيث يواجه الزامبيون صراعاً يومياَ للعثور على الكهرباء خلال أزمة الطاقة المرتبطة بالمناخ والتى سلبت من الدولة الواقعة فى جنوب إفريقيا كل قوتها تقريباَ.
كان أقل من نصف سكان زامبيا البالغ عددهم 20 مليون نسمة يحصلون على الكهرباء قبل بشكل مستمر وذلك قبل حدوث مشاكل فى محطة كاريبا، لكن الأن اضطر ملايين إلى التكيف مع الوضع الحالى حيث على الأمهات إيجاد طرقاً مختلفة للطهى لعائلاتهن ، ويقوم الأطفال بواجباتهم المدرسية على ضوء الشموع.

ويشعر بعض الزامبيين بالسخط لدرجة أنهم حملوا جهاز الكمبيوتر المكتبى بالكامل إلى مقهى محلى حتى يتمكنوا من العمل.

كان هذا أسوأ انقطاع للكهرباء فى زامبيا بسبب الجفاف الشديد فى المنطقة التى تستمد الكهرباء من سد كاريبا الحرج الواقع على بحيرة موسوندا؛ ومع عدم كفاية المياه لتشغيل توربيناتها الكهرومائية.

أكبر بحيرة من صنع الإنسان فى العالم

كاريبا هى أكبر بحيرة من صنع الإنسان فى العالم من حيث الحجم وتقع على بعد 200 كيلومتر (125 ميلاً) جنوب لوساكا على الحدود بين زامبيا وزيمبابوى، وتم بناء جدار السد الضخم فى عام 1950، كان من المفترض أن تحدث ثورة فى إمدادات الطاقة فى البلدان عن طريق محاصرة مياه نهر زامبيزى، وتحويل الوادى إلى بحيرة ضخمة وتوفير إمدادات لا نهاية لها من الطاقة الكهرومائية المتجددة.
لم يعد هذا هو الحال بعد الآن، لأن أشهر الجفاف التى جلبتها ظاهرة النينو الذى يحدث بشكل طبيعى وتفاقمت بسبب ارتفاع درجات الحرارة؛ قد وضعت محطة الطاقة الكهرومائية فى زامبيا على شفا الإغلاق التام لأول مرة.

أقل من 10 ٪ من الناتج العادى
مستوى المياه منخفض جدا، بحيث يمكن تشغيل واحد فقط من التوربينات الستة على جانب زامبيا من السد ، مما يقلل التوليد إلى أقل من 10 ٪ من الإنتاج الطبيعى.
وتعتمد زامبيا على كاريبا لأكثر من 80 ٪ من إمداداتها الوطنية من الكهرباء ، والنتيجة هى أن الزامبيين بالكاد لديهم بضع ساعات من الطاقة يومياً فى أفضل الأوقات، ففى كثير من الأحيان ، تعيش بعض المناطق بدون كهرباء لعدة أيام.

التأثير الأكثر ضرراً هو خلال ساعات النهار عندما تكافح الشركات الصغيرة ، العمود الفقرى للبلاد ، من أجل العمل.
يقول تيندور سيكونيونغانا ، الذى يحاول إدارة شركة لحام:” أقول لك ، لقد بقينا خمسة أيام الآن بدون كهرباء”، لذلك إنه حاول تخفيف التأثير من خلال الاستثمار فى مولد ديزل ، لكن الوقود باهظ الثمن ، ولا يمكنه دائماً تحمل ما يكفى.

أزمة الكهرباء فى زامبيا

قال وزير الطاقة الزامبى ماكوزو تشيكوتى، إن شركة زيسكو المملوكة للدولة وافقت على شراء 218 ميجاوات من الكهرباء من جنوب أفريقيا وزيمبابوى، لتخفيف العجز الناجم عن انخفاض قدرة الطاقة الكهرومائية.
حيث تعانى زامبيا من عجز يزيد عن ألف ميجاوات ومن المتوقع أن يزداد سوءاً مع تراجع مستويات المياه فى محطة كاريبا الرئيسة للطاقة الكهرومائية، بسبب انخفاض هطول الأمطار والظروف المناخية الأكثر جفافاً.

وكان وزير الطاقة ماكوزو تشيكوتى قد صرّح، فى يوليو الماضى، أن زامبيا استدعت 260 ميجاوات من صادراتها من الكهرباء البالغة 500 ميجاوات، فى محاولة للتخفيف من العجز، بينما تستورد 409 ميجاوات.

يقول الخبراء إن زامبيا تدفع ثمن نقص التنوع فى قطاع الطاقة.
ويوضح جيفرى شيومبى ، نائب رئيس لجنة الطاقة فى معهد الهندسة فى زامبيا:”من الواضح أن اعتماد 85 ٪ على الطاقة المائية يمثل خطرا”، ويضيف:” كنا بحاجة إلى مزيج من مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة حتى لا نواجه أزمة مثل تلك التى نحن فيها”. فى كاريبا ، يكون جدار السد الذى يبلغ ارتفاعه 128 متراً (420 قدماً) مكشوفاً بالكامل تقريباً.