أسرة نازحة من غزة للجنوب تواجه المجهول “قصة واقعية”

كتب/ الصحفي مهند قشطة.
أغرب موقف مر عليّ بحياتي..
على باب خيمتي في مواصي خانيونس يفترش 5 أشخاص الأرض، مع عدد من الحقائب وما تبقى من منزلهم الذي تركوه خلفهم في منطقة اليرموك بمدينة غرْة، ونزحوا قسرًا إلى الجنوب ..
امرأة و 3 من أطفالها، سألتهم هل تحتاجون مساعدة؟ فأجابوا: لا نحن بخير، كان المنظر أقسى على قلبي من تركهم والمضي قدمًا.
فعدتُ أنا وعدد من الجيران – أهل النخوة – من خانيونس وكررنا نفس السؤال، فسألتها: أين زوجك؟ بإمكانك المبيت هذه الليلة في خيمتنا المتواضعة بدلًا من النوم في الشارع .. فقالت بأن زوجها ذهب ليبحث عن مكان يأويهم عند صاحبه، وأننا لو دخلنا خيمتك وعاد زوجي فلن يجدنا، فقلتُ أعطِني رقم هاتفه، قالت لا يملك هاتف.
فقلت أعطِني رقم صاحبه، قالت أنا أيضاً لا أملك هاتف؛ فقد بعنا هواتفنا في غرْة لنستطيع النزوح إلى “تبة النويري” وقد وصلنا إلى هنا في المواصي مشيًا على الأقدام.
ثم قام ابنها يمشي ليبحث عن والده، ووقف على رأس الشارع، فلاحظنا بأنه يعرج على قدميه.. فأخبرتنا بأنهم كانوا نائمين في الشارع الليلة الماضية، فجاءت سيارة لا تملك لا أضواءًا ولا كوابح فدهست أقدامنا جميعًا.
وقالت عن ابنها الآخر الملفوف بقطع من القماش “لقد حوصرنا قبل أسبوع داخل منزلنا الذي احترق بالكامل ونحن بداخله وخرجنا منه بصعوبة بالغة”.
عرض أحد الموجودين مكانًا ينصبون فيه خيمتهم، فقالت الأم: أثناء نومنا على الطريق بين المواصي ودير البلح الليلة الماضية سرق أحد اللصوص ما نملك من خشب وشوادر..
وأثناء الحديث حضر الزوج، وجلس في خيمة أحد الحاضرين، وقدمنا لهم ما يحتاجون من طعام وشراب حتى الصباح.
عائلة حوصرت بالنار، باعت هواتفها لتستطيع الهرب من الموت إلى المجهول، نامت في الشوارع وبين الطرقات ثلاث ليالي، دهست سيارة أقدامهم أثناء النوم في الشارع، سرق اللص ما يملكون من خشب ونايلون وشوادر، نزحوا آلاف الأمتار مشيًا على أقدامٍ متعبة مجروحة مكسورة.
هذه ليست مناشدة، هذه قصة عائلة واحدة من 450 ألف نازح من مدينة غرْة نحو الجنوب.
كلمة نزوح ليست سهلة، بل خلفها ملايين القصص والمآسي والموت.