الصراط المستقيم

أقبل ولا تخف

كتبت: نورا دويدار

بعد تلك المسافة التي حالت

بين أرواحنا وبين النور السماوي وجعلتنا أشبه ما نكون بالقرية الخاوية ،، وبعد تلك السحابة السوداء التي أمطرت علي قلوبنا قطرات الأسي والقسوة
أشرقت شمس العطاء لتعطي للصباح فرصة أن يتخلل داخل نفوسنا ، ويحيي مواتها ، ويحول صحراء قلوبنا الي أرض مخضرة تنبت فيها بذور الايمان من جديد ،
إنه شهر رمضان ،، شهر الصلة بين الأرض والسماء حيث اختاره الله ميقاتا لنزول كتبه ورسالاته ،
سبب الخير ومنبع النور ومنطلق الرحمة ومهبط البركة من السماء الي الارض
فاذا أردت أن تتصل روحك بالنور الرباني ، فلتكن البداءة منك ولتأخذ الرغبة من قلبك مأخذا
فعبر ذلك الطريق الذي سوف تقطعه لتعيد تلك النفس الي الفطرة التي جبلها الله عليها ، ستجد مسرات ومضرات جميعها تحملك الي عالم آخر به سر لم تطلع عليه من قبل ورسالة لم تقرأها قبل ذلك ولذة لن تجدها الا ف طاعة ربك ،ونفحات لم تستنشق عبيرها منذ عدة شهور مضت ،،
فتقلب الروح بين أنواع العبادات من صلاة وصيام وصدقة وتلاوة للقران وبر وصلة يوقظ فيها ما غفي عنها ،، ويقدم ما تأخر ف صلاحها ،
ولما لا ؟؟ وهو شهر تتجلي فيه منبهات الإستيقاظ والشعار القرآني فيه ” أياما معدودات ”
وعندما تأخذ الروح من كل عبادة لذتها تجد لكل داء دوائه وعلاجه ،، فلكل عبادة اسرارها ،، فما يفعله القرآن ف النفس ليس كالذي تفعله الصلاة ،، وما تفعله الصدقة ف النفس ليس كالذي يفعله الصيام ،، ويشهد بذلك العارفون
ولك ان تتخيل ان تكون هديتك ف رمضان بعد اذ جاهدت نفسك ثلاثون دعوة مستجابة ،، بصحيح كلام النبي ” للصائم دعوة لا ترد ”
منهج نبوي للدلالة ع انك ف تجارة مع الله وباذن الله لن تبور
واحوج ما تكون النفس اليه ف رمضان أن تتحول العادات الي عبادات ،، فتلك هي الغاية العظمي ،، والمأمل الأسمي ولا يحفز ع هذه الغاية سوي تلك الرسائل الربانية ،، التي تتجلي ف أيات القران فتخرج اسرار الطاعة الي النور وقد كانت حبيسة طيلة العام
وعندما تسمع باذن قلبك قول الله ” إن وليي الله الذي نزل الكتاب ” تستشعر ان ولاية الله لك ع قدر اتصالك بالقران
وتجدها رسالة واضحة وضوح الشمس ان ” افتح مصحفك ”
ولعل تأمل حروف اسم هذا الشهر ،، تجعلك تري ربيعا لنفسك ف طاعة الله
ففي الراء رحمة
وف الميم مودة
وفالضاد انفراج ضيق
وف الالف أنس
وف النون نور
وكأن الكلمة تقول لك : ان ادراكك الشهر رحمة ،، فاذا حفظت نفسك فيه من الزلل وصنتها من الزيغ ،، حصل لك م المودة ما يزيح همومك ويفرج غمومك ،، فتستشعر لذة الانس ثم يعلوك نور ف ف القلب ونور ف الوجه ونور ف البصيرة ،،
فاذا كانت هذة رسالة الاسم !! فما بالك بما يحويه الشهر نفسه ،، فلا تبعد نفسك ع رحمة الله فتضيق بك نفسك ،،وينطمس نور الله ف قلبك
وخلال سيرك لاصلاح نفسك ف رمضان ،، لا تهمل روحك ،، تلك الروح هي المعدن النقي الخبيئ الذي نراهن عليه دوما ،، فمنذ ان نفخ الله تلك النفخة من روحه ف الطين ،، ونحن لا نزال نتوارث تلك النفخة عبر القرون ،،
فرغم سقطاتنا وزلاتنا وفظائعنا
يوجد بداخلنا فطرة الطاعة والتوحيد والانقياد
والله لطيف لما يشاء ولا يرد قلب ناجاه
” فأقبل ولا تخف “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى