بقلم / الدكتور أحمد سمير
أعلم أن العنوان قد يخدش العديد من المشاعر، ولكن نقولها صراحةً:
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” الذي جعل المكان والزمان شاهدا على تفاصيل خيانته وبناء له كيان يتعبد فيه ويلتقي فيه مع كل الخونة من جميع أقطار الأرض ذلك الكيان الذي تصهين فكان كبئر لا يخرج منه إلا كما يخرج من الانسان في بيت الخلاء.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” فلقد أظهرت للأمة أن فلسطين ساكنة في ضمير الأمة ، ومتحركة في عقيدتها، وإنها جامعة لمشاعر المسلمين.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” فقد أعدتي لنا ذاكرتنا!.. لأنك ذكرت الجميع بأن وجودك كان خطيئة! شكرا لأنك ذكرت من تناسي أو نسي أن السلام المزعوم لا يناسب طبيعتك الدموية، وأن الحضارة، والإنسانية… هي مفاهيم مناقضة لتاريخك الهمجي ووحشيتك المتوارثة.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” لأنك أحييت في الأمة روح الإخاء ، وأشعرت الأمة أنها جسدا واحدا ، يبكي المصري والهندي والسعودي والباكستاني والتركي والعراقي والمغربي واليمني والجزائري والتونسي … بل يتألم كل مسلم وكل عاقل على فلسطين ويفدونها بحياتهم.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” الذي جعل من عدوانيته هدية لإبراز الوجه الحقيقي للأمة العربية والإسلامية والضمائر الحية في العالم فأصبحت أسمع نداء ( خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود ) وسيعود إنه الوعد الحق.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” على إسقاط العديد من الأقنعة العربية والعالمية فكشفت للجميع الخائن والمتآمر والمتخاذل والجبان سواء كان ذلك على مستوى الأفراد، أو الجماعات فالصورة بدأت تتضح أكثر فأكثر .
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” على إعادة القضية الفلسطينية إلى الأذهان بعد محاولات عديدة لاختطاف القضية وطمسها وجعلها محل مساومات في الغرف المغلقة وبعد أحداث كثيرة شغلتنا عنها.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” بجعل “غزة” بؤرة الأحداث من جديد فالأطفال، والنساء، والجرحى، وشهداء غزة تعلن عن بدء مرحلة جديدة من الصراع، شعارها “التحدي” و”النصر الموعود”.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” على إتاحة الفرصة للمقاومة لنفي مقولة وأسطورة الجيش الذي لا يقهر فعدوان غزة، جعل القضية الفلسطينية أمام معادلة جديدة في الصراع، يحكمها ميزان الردع لدى المقاومة فشهدائنا في الجنة وقتالهم في نار الدنيا والأخرة.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” لقد أحييتِ في نفوس الأمة العربية والإسلامية العديد من القيم كنا نظن قد افتقدناها، قيم التآزر والمناصرة للمظلوم، كما أحييت دور حناجر علماء الأمة ليعيد للعلماء دورهم في النصح، والتواصل، وتوجيه الرأي العام.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” لقد كشفت عن نفسك زيف الادعاء بحقوق الإنسان والقيم الإنسانية، وظهرت على وجهك الحقيقي في جرائم ضد الإنسانية، والإبادة الممنهجة.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” لأنك أعدتِ لنا توازننا في فهم الأشياء وجلاء الصور، أيقظتِ بقذائفك العمياء حقائق في وجداننا، ومبادئ تربينا عليها بأننا اعتقدنا أنها ماتت، وبدأنا نعجز عن تلمس مشاعرنا الحقيقية الصادقة تجاهك، تحت دعوة السلام ووهم التكيف مع الآخر.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” الذي جعل بمقدورنا أن نخاطب جيلاً جديدا من شبابنا الذين غبنا عنهم وغيّبنا أدمغتهم وسط انشغالاتنا ويومياتنا التي أصبح فيها التعايش مع أعداء الأمس وجعلهم أصدقاء اليوم.. أمراً طبيعياً، والسلام عليهم فرضاً.
شكراً ” للمغتصب الصهيوني ” جعلتَ القضية الفلسطينية من أولى الأولويات، وساهمت في دحر الخيارات الاستسلامية، وأسست لمرحلة جديدة من الصراع معك.
في النهاية يجب علينا الحفاظ على هذه الروح واستمرارها من خلال المناصرة المستمرة بالفعل والقول والدعاء فغزة كانت الشرارة فَلْنُوَاكِب حركة التاريخ ولا نستخف بدماء الشهداء والضحايا الذين سقطوا من أجل رفع الذل وحفظ الكرامة للأمة العربية والإسلامية، وجميع الأحرار في العالم .. فالتاريخ لا يرحم
صرنا مساكين والواقع يقــــــــــــــــلبنا
بين المواجع وبين الظلم المبرح
فالخير في كلمة في طريقنا تذبح
كل جبان وكل عدو يهذى وينبح
فالله أكبر سلاحا لا يضاهيه سوى
الشهادة على أبواب قدسنا تصدح