أمير البناء

بقلم الفنان / أمير وهيب
أول مرة سمعت مصطلح ” بناء الشخصية ” ، كان في مدرستنا ، في السبعينيات ، هذه الأيام اسمعها و اقرأها كثيرا على لسان المسؤولين المعنيين بعالم التربية و التعليم في مصر ، و من الواضح أنهم يرددون هذا المصطلح إعجابا به فقط لأن التطبيقات العملية داخل النسبة الأكبر في المدارس التابعة للحكومة لازلت تتبع نفس المنهج القديم .
و ما سمعته منهم ، يشمل نقاط ، منها ، الثقة بالنفس ، التحكم في العواطف ، تقبل النقد ، تحمل مسؤولية ، تواصل و قبول الآخر ، مواجهة التحديات ، تركيز وإرادة.
و من المفترض أن هذا الكلام موجه الي ” الأطفال ” و صدق او لا تصدق ، لم يذكر اي شخص منهم ، عامل ” الصحة ” و ” الابداع ” في بناء الشخصية.
* يا سادة يا مسؤولين يا متعلمين يا محترمين ، عملية بناء الشخصية تشبه الي حد التطابق مع البناء المعماري ، بمعنى ، اول خطوة في عملية البناء هي ” وضع الأساس ” فإذا كنت تستهدف بناء بيت او عمارة سكنية و غيره ، في كل الأحوال لابد من وضع أساس و ووضع الأساس في تطبيقه على الشخصية يكون ” الصحة ” و ” الابداع ” ، و المرحلة التالية هي مواد البناء و المشار اليها مسبقا في النقاط المذكورة.
* لأنه من غير المعقول ، أن تشرح لطفل ذو خمس سنوات عن ” الإرادة “.!!!!!
* لذلك أجزم بيقين اهم و اول نقطة في بناء الشخصية تبدأ من ” التغذية ” و ” النوم ” ، اطعام الطفل في سنواته الاولى و حصوله على قدر وافي من النوم ، اهم كثيرا من جلب مستلزمات حديثة و العاب باهظة الثمن و النقطة الثانية هي إتاحة عملية الإبداع بشكل دائم و مستمر و البداية من علبة الوان و ورق أبيض.
* و عن تجربة شخصية ، اعرف شخص وفر لأبنه كل الإمكانيات داخل غرفة نوم مجهزة بأحدث تكنولوجيا و العاب مع وجود تكييف دائم ، هذا الابن أصيب ب هشاشة عظام نتيجة هواء التكييف.

* كل الناس ” السميعة ” لا تلتفت نهائيا أن قدرة أم كلثوم الفائقة في الغناء هي في الأساس تستند الي ” صحتها ” ، هذه القدرة على الوقوف أكثر من ساعة تغني دون خفقان قلب و نهجان هي صحة و بدأت تستهدف هذه القدرة في الغناء بالتدريب منذ أن كانت طفلة تحت إشراف أبيها.
* و انا تأثرت كثيرا بهذه الشخصية ليس فقط في جمال أغانيها و لكن أيضا تأثرت بهذا الأداء القوي الذي يعجز عنه حتى الرجال.

* محمد صلاح كذلك ، لاعب كرة القدم النموذجي ، تفوق على معظم لاعبي مصر ، بسبب اهتمامه بالشق ” الصحي ” فهو يستطيع أن يلعب المباراة كاملة دون أن يبدو عليه الإرهاق في حين آخرين ، من نفس الموهبة و المهارات ، بعد ٢٠ دقيقة يظهر عليه علامات الإرهاق.
* و هذا يقودنا لننتقل الي من هو المسؤل عن عملية ” البناء ” ، لا يمكن لطفل أن يبني نفسه بنفسه.
* البداية لابد من الأسرة و ثانيا المدرسة و ثالثا ذات الشخص بعد أن يكتسب قدرات و مهارات ، و هذا لن يدركه إلا مع نهاية مرحلة الطفولة.
* اي أن عملية بناء الشخصية لابد و أن تتم تحت إشراف الأباء و هذا ما ذكرته في كتابي ” بناء الأبناء “.
* اما النقطة الثانية في عملية البناء الصحيحة هي ، و بتعبير شهير في عالم البناء ” عدم الغش في المونة ” ، يعني كل مكون له نسبة في ” الخلطة ” ، وهنا يجب ان تكون عملية بناء الانسان عبر منهج متوازن يهتم بالصحة والثقافة بما يتناسب مع بيئة كل مجتمع .
* و ما أعلمه جيدا ، استنادا الي خبرة فنية غنية ، هي أن كل بيئة مناخية واجتماعية لها مواصفات لإنتاج طبيعة الشخصية.
* شخصية مواطن أنجليزي تختلف عن أمريكي تختلف عن إماراتي.

* و أجزم بيقين ، أن شخصية المصري ، هي شخصية فكر و ابداع و مهارات بيئية ، و أولها ” الزراعة ” و هي تاريخه و حضارته و هي أيضا حاضره و مستقبله.
* قلم رصاص اقوى من طلقات رصاص ، قلم يرسم و قلم يكتب ، و جاروف يزرع.
* و ما يناسب الأوروبي لا يناسب العربي.
* تطبيقات مناهج يابانية و أمريكية على المصريين هو فعل خطأ.
* لابد من اختيار ما يناسب طبيعة شخصية المصري ، الطفل الياباني يمكنه تعديل وظيفة في حاسب ٱلي بينما المصري يمكنه زراعة فدان في خلال اسبوع.
* من له اذنان سامعتان للسمع و للفهم ليفهم.
أمير وهيب
فنان تشكيلي وكاتب ومفكر





