أنا انا بعشقك
أعدها للنشر/هاني حسبو.
قد تستغرب من العنوان لأنه مطلع اغنية لميادة الحناوي.
لكن إذا قرأت هذه القصة تعرف سبب اختيار العنوان:
دائما في مواصلة القاهرة_ دسوق أختار كرسيا مريحا يصلح للنوم ،المرة الفائتة جلست جواري سيدة في عقدها الخامس تقريبا وزوجها إلى جوارها ،قررت التضحية بالكرسي المريح للسيد واخترت “القلاَّب”،ابتسمت لي جارتي في المقعد وشكرتني جدا وشكرني زوجها ،في الموقف فتى يبيع للسيارات بسكويتا وماء وكل شيء فإذا بعمو يقول”هات 3 صوابع نعناع خالتك أم يحي بتحبه وشوف الأبلة عاوزة اي “شكرته ولم أقبل أي شيء وامتننت لكن السيدة أصرت أن تعطيني من نعناعها ،نامت على كتف زوجها حتى منتصف الطريق تقريبا ،رزقنا بسائق صاحب ذوق فني رفيع على خلاف المعتاد يضع في ليستة الأغاني “أم كلثوم ونجاة وميادة وأصوات لا أعرفها ” ،لم يفت الركاب الثناء عليه “الله ينور ياعم ” “فين الحاجات دي من زمان” ” ليه مش كل السواقين كدا” ويبدو أن الجميع يستمتع بروائح الزمن الجميل إلا المسكينة أنا التي تحاول النوم بلا فائدة ،استيقظت السيدة فإذا بزوجها بصوت عالي “و النبي يسطا شغل أنا بعشقك لميادة تاني ،خالتك أم يحيى بتحبها جوي ” ،ضحك السائق “عيوني لأبو يحيى وأم يحيى “،يمكن بسهولة جدا أن ترى بريق عيني جارتي في المقعد مع فعل صغير هكذا ،يمكنك أن تلحظ كيف يتحول وجه ناعس لوجه مشرق مبتسم ،تسألني السيدة عن الجامعة والامتحانات فتعرف أني في كلية الطب ،تخرج من حقيبة يدها تحاليلا وأشعة وأوراقا كثيرة لتخبرني أنها مصابة بسرطان الثدي “قالولي أروح بهية وهم ال عرفوا أني تعبانة ” وأخذت تدعو لهم ،أخذت تحكي عن مرضها ولم أر في وجهها قنوط أو يأس بل تتبع كل جملة ب”الحمد لله قدر ولطف ،وكفاية عمك أبو يحيى جنبي “، حكت لي أنها لا تملك أبناء و أم يحيى لأن زوجها اسمه زكريا و لم تنجب له أبدا لكنه يحبها جدا ولم يرض أن يتزوج بأخرى ،تكمل بنفس الحماس كفتاة في الخامسة عشر تحكي لصديقتها عن حبيبها الأول “أمه تضغط عليه نفسي أشوف عيالك يا زكريا ” تحكي أنها تركت البيت له لئلا يشعر بالذنب فعلت كل شيء حتى أهلها أذنوا له ولم يرض إلا بها حبيبة و أما وبنتا ،تقولها بفرحة تبدو للعيان “قالي أنتِ بنتي يا زينب وهو والله أحن عليا من أبويا”،السيد زكريا محفظ قرءان علم السيدة زينب القراءة لتقرأ القرآن وكانت قد بلغت الخامسة والثلاثين وهي لا تقرأ ،تكمل”بحب إذاعة القرآن والشيخ ييقرأ في سورة مريم ويحكي قصة سيدنا زكريا قلتله يا زكريا اتجوز عشتن يكونلك يحيى زي سيدنا زكريا قال ربنا جعل لسيدنا زكريا آية ورزقه يحيى وهو عليه قادر و أنت يا زينب أم يحيى وحتى لو مفيش يحيى أنت الآية بتاعتي “،أنظر للسيدة التي تتحدث بحب بالغ يصل لقلبي حتى المقعد الخلفي يستمعون إليها ،لا يخفى الحب بل يجبر الجميع على الإنصات لهذا الجمال، “بقالي عشرين سنة بقرأ في المصحف وبحب سورة مريم ،وكل تلميذ بيجي لأبو يحيى يحفظ قرآن ويختمه هو يحيى بالنسبة لي،أنا عندي أولاد كتير منهم دكاترة ومهندسين و أساتذة وكلهم يحيى يبوسوا ايدي ما يقولوش إلا يا ماما “،السيدة تتحدث ووجهها عليه علامات الزهو بهذا الحب كأن الحب يجعل صاحبه في منزلة أعلى من البشر ،كان. الحب منطقها كأن الشعراء جميعا أتوا إليها فاقتبسوا منها ،كل نصوص الغزل بدت باهتة أمامهما،الفتاة في. المقعد الخلفي “يارب كل الرجالة زيك ياعم زكريا”،تضحك السيدة “مفيش إلا زكريا واحد تقول الست ميادة”أنا بعشق الكلمة الي بتقولها وبعشق. ضحكتك” فأرى ضحكتين كأنما خرجتا من قلب واحد وروح واحدة،سبحان من خلق لكل حبيب حبييا كنجم يضيء في سمائه ولا يخفت ،وجعل لكل حبيبين فلكا خاصا بهما وكل في فلك يسبحون !
القصة من رواية “أميرة سلام” على صفحتها على فيسبوك.