أراء وقراءات

أين أنت يا عمر ؟

بقلم / عزه السيد

 

لا أعترف ببداية يومي إلا بعد أن أشرب كوب الشاي باللبن، وبما إنني أسكن في مدينة من المدن الجديدة فالحصول علي اللبن الجيد هو من مشاكلي العويصه، فقد جربت كل ما يباع في المحلات والسوبر ماركتات وفي كل مره أجد واتاكد أن هذا اللبن مغشوش ولا أشعر بالمذاق المميز لكوب الشاي باللبن الذي يشعرني بالانتعاش والنشاط، لدرجة أننى كثيرا ما اطلب من أقاربي ومعارفي الذين يعيشون في الأرياف شراء اللبن وإرساله لي ،ولكني كثيرا ما اشعر بالاحراج وبأنني أثقل عليهم،واصبح بحثي عن اللبن الجيد الغير مغشوش معاناة اعانيها دوماً خاصة وأنا لا أشعر ولا استطعم مذاق الشاي باللبن المعلب.

وكثيرا ما يأتي في ذهني قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه) هو وبائعة اللبن

ويسعدني أن أذكركم وأذكر بائعى الألبان في مدينتي بها

قصة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب ..

 

هي فتاة كان همها الأول رضا الله في السر قبل العلن فكافأها أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن زوجها ابنه عاصم ، وقد كان من نسلها واحدًا من أعظم خلفاء المسلمين وهو عمر بن عبدالعزيز .

كان في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مجموعة من بائعي اللبن ، يقومون بخلط اللبن بالماء حتى يزداد حجمه ، ويكسبون فيه أضعافًا ، فذهب الناس لأمير المؤمنين يشكون إليه من بائعي اللبن .

أرسل أمير المؤمنين مناديًا ينادي في الأسواق ويقول يا بائعي اللبن لا تشوبوا اللبن بالماء ، فتغشوا المسلمين ومن يفعل ذلك فسوف يعاقبه أمير المؤمنون عقابًل شديدًا .

وقد كانت من أهم صفات أمير المؤمنين عمر بن الخطاب العدل وقد روي عنه أنه قال ، لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى لما لم تمهد الطريق لها ، ولذلك كان من عادة أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه أن يتفقد بنفسه أحوال الرعية .

فخرج ذات ليلة مع خادم له يدعى أسلم ليفقد أحوال الرعية بالليل ، ثم جلس ليستريح بجوار أحد الجدران فسمع امرأة تقول لابنتها يا بنيتي هيا قومي فاخلطي اللبن في الماء ، فقالت الفتاة لوالدتها يا أماه أما سمعت ما قاله منادي أمير المؤمنين اليوم ؟.

فقالت الأم لابنتها وما قاله منادي عمر ، فقالت الابنه إنه أمر ألا يخلط اللبن بالماء ، فقالت الأم لابنتها يا بنيتي قومي فاخلطي اللبن بالماء فإنك في موضع لا يراه عمر ولا منادي عمر ، فردت الفتاة على والدتها والله يا أماه ما كنت أطيعه في العلن وأعصيه في الخفاء ، وإن كان عمر لا يرانا فإن الله سبحانه وتعالى يرانا .

لما سمع أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه هذا الحديث نادى خادمه وقال له يا أسلم ضع علامة على هذا الباب ، وفي الصباح أمر أسلم أن يذهب ويستطلع أحوال تلك الفتاة وإن كان لها زوجًا أم لا ، فعاد أسلم إلى نفس المكان وسأل عن أهل البيت ، فعلم أن الفتاة هي أم عمارة بنت سفيان بن عبدالله بن ربيعة الثقفي ، وتعيش مع والدتها العجوز ولا زوج لها.

مكافأة أمير المؤمنين :

لما أخبر أسلم أمير المؤمنين أن الفتاة لا بعل لها ، فأرسل أمير المؤمنين إلى أبناؤه الثلاثة عبدالله وعبدالرخمن وعاصم وقال لهم ، هل فيكم من يحتاج إلى إمرأة فأزوجه ، ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية ، فقال عبدالله بن عمر لأبيه إن لي زوجه وقال أخيه عبدالرحمن إن لي زوجة .

وقال عاصم يا أبي لا زوجة لي فزوجني ، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم وكان عاصم بن عمر بن الخطاب من النبلاء وكان من أحسن الرجال خلقًا وأخلاقًا وكان شاعرًا فصيحا ً ، وقد ولد في حياة النبي صلّ الله عليه وسلم وقد روى الأحاديث عن أبيه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

أنجبت أم عماره لعاصم بنتًان أحدهما تدعى حفصة بنت عاصم والأخرى وهي ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ، وقد تزوجت ليلى بنت عاصم من عبدالعزيز بن مروان ابن الخليفة الأموي مروان بن الحكم وأخو الخليفة عبد الملك بن مروان ، وأنجبت له عمر بن عبدالعزيز الذي لُقب بخامس الخلفاء الراشدين لشدة ورعه وعدله مثل جده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

ولذالك عندما أشرب كوبى من الشاي كل صباح ولا استطعمه لأن لا طعم له بسبب اللبن المغشوش، انادى دائما

أين أنت يا عمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.