أين ليلاك ..؟؟
كتبت : نورا دويدار
الليل له أسرار وأخبار يعجز الواصف عن ذكرها ،
فعن الليل وأسرار المحبين .. سل عيون العاشقين
وعن حصر نجوم السماء ..سل قلوب الوالهين
وعن الليل وطول الساعات .. سل من ابتلي بفقد الحبيب
أما اذا فتحت كتاب ربك ، وجدت الرد القرآني الشافي
” إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ”
إنه الليل !! وإنها ليلة !!
مكمن القوة وجماع الخير وهدوء الأرواح ، وسكون الأصوات ،، حين يخلو كل حبيب بحبيبه !!
إنه الليل !! وإنها ليلة !!
عيون ساهرة .. وعقول شاردة .. وقلوب باكية وجفون غادرها النعاس .. وأخرون ” تتجافي جنوبهم عن المضاجع ” كساء النور ولذة القرب .. وفيض العطاء.. إنه الليل !! وإنها ليلة !! .
وجعلها الله ليلة ولم يجعلها نهار لتعلم قيمة الليل الذي تقضيه ف السهر علي الشاشات ،، وتضيعه ف اللهو واللعب ،،
إنها ليلة القدر.
ليلة علو ورفعة،،وتدبير وقضاء ،، ” فيها يفرك كل أمر حكيم ”
واذا لاحت لك فرصة القبول فيها سيكون لك شأن أخر وقدر أخر ،، وتدبير الله لك سوف يسعف ما مرض فيك !! ويحيي ما مات من قلبك .
ليلة من خصائص أمة النبي ” صلوا عليه ” بها من الاقدار النورانية والأنوار القدرية ما يجعلك فيها ان أحييتها ،،، ذا قدر
اذ تزيد عدد الملائكة عن عدد الحصي ف الارض.
وجعلها ف العشر الأواخر ، لتعلم أن عبرة الشيئ أخره فبدلا من ان تقل همتك في العشر الاواخر لابد أن تبلغ ذروتها ،، وذلك تبريكا لها كما جعل أفضل يوم الجمعة أخره ،،وافضل يوم عرفة أخره ،، ولن تستقيم ف أمر لأخره الا اذا صدقت لك نية وخلص لك عمل .
ولا عجب ف كونها وترية ، اذ أن الله وتر يحب الوتر قال ” التمسوها ف العشر الاواخر ف الوتر منها ”
ولها دعاء بلسم للروح وإحياء للقلب
” اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا ”
اذا فزت بليلة القدر فانا اقرب الي العفو وسوف تولد من جديد ،، ومن كرمه يطالبك بالعفو عن عباده ،، ثم يدلك علي ما يعينك علي ذلك ،،، فيرغبك ف الدعاء ” فاعف عنا ”
وليلة القدر،، حقيقة هي منحة الله لك ،، اذ ماذا ستفعل يوم القيامة بستين أو سبعين عام ،، منها سنوات الطفولة وسنوات الكهل ،، بين اقوام نازهت أعمارهم المائة ويزيد ،، فالفرق ف الاعمار فيه تباين ف الاعمال ،، فحبانا الله بها وجعلها خير من الف شهر ، ولو تم الحساب بالاشهر القمرية ،، يعني 83 سنة كلها عبادة
وتكون ليلة القدر ليلة قدرك اذا حضر قلبك وانسكب دمعك ، وصح عزمك ، وانشغلت بالعبادات لا بالعلامات ،، ففيها قد يسبق المسبوق من سبقه من الأبرار ، وقد ينجو غريق الاوزار ، فهي حقا ليلة فارقة .
فقمها بقلبك قبل قدمك ،، قمها بفقرك قبل ثقتك .
وهي لك وحدك , فلا تبحث في احساس أحد أو رأي او اجتهاد احد ، فان أحسستها فانها يقينا ” هي”
ستشعر بنسمة تلفح برفق روحك وحدك ،، ستحيا سلاما وهدوء بينما يري الجميع الضجيج حولهم وستغزل الشمس خيوطا ذهبية ف أفق عينك فهي ليلتك وحدك
فلا ترهق نفسك بما رأوه ، فهي شعور بالقرب ف لحظة تغيب فيها عن المادة وعن العلامات ،، فاني للمشاعر ان تضبطها العلامات والمعايير ، ,, ولقد أخفي الله خيرها لنعلم ان السلام يبدأ ف حيز صغير اسمه “قلبك ” فدعك من الخصومات والمشاحنة ،،فاذا وجدت السلام ف قلبك لا عليك بالعلامات ولا بفردي ولا بزوجي ، فقط أمعن الشعور ولا تضيع قدرك من بين يدي قلبك .
فلديك جوهرة نادرة ، في أحد هذه الصناديق العشرة وهي مقفلة باحكام ومرقمة من 21 _ 30 ، ومعك وقت محدد لفتحها ،، فلا تقف مكتوف اليدين واجتهد ف فتحها واحدا تلو الأخر ،، ولا تتحين أوقاتا لتحييها ،، وانما اغترف من الخير ،، واسأل عن لطائفك هناك فكلنا غرقي ف الذنوب ،
واذا أردت ان تقف علي اسرار ليلة القدر ،، فرطب لسانك ب ” إنا أنزلناه”
يسر المعسرين وعون الضعفاء ،،وسر السلام الداخلي
وبما أنك باذن الله ستقضي أيامك في الدنيا في الطاعة ،، وفي الاخرة في الجنةة
فاذا سألوك أين ليلاك ؟؟ فقل ليلاي في الجنة