أراء وقراءات
أيها المغرمون بالمناصب
بقلم / ا.د. يسري مصطفى
من الناس قوم أغرموا بالمناصب والإدارات، يسلكون إليها كل سبيل ويدخلون كل فج، فلا يهنأ بالهم ولا يقر قرارهم،إلا إذا ظفروا بما يؤملون وما يدرون، أن الولاية أو إدارة شئون الناس حمل ثقيل، كثير التبعات يتطلب جهدا وعناء ويقتضي يقظة وانتباها ويستدعي ولاة الأمور أن يسووا بين الأفراد في توزيع العدالة والبر والقسط، وتيسير المطالب والأخذ بالرفق، لا فرق بين كبير وصغير، ولا بين من ينتمي إلى فريق من الناس، ومن ينتمي إلى فريق آخر، وكل ذلك يحتاج إلى مزيد حزم وفطنة .
حتى إذا نالوا مطالبهم نسوا تكاليف الولاية واتخذوا منها وسيلة لإشباع أطماعهم ونيل أمانيهم وإغداق الخير على أنصارهم، وصبوا جام غضبهم وانتقامهم على خصومهم وأعدائهم يسومونهم الخسف، ويشاركونهم في أقواتهم وربما حالوا بينهم وبين الانتفاع بأموالهم.
فهؤلاء لا يلبثون أن تولى عنهم الدنيا وتزول عنهم المناصب، فينزلوا إلى حضيض الذل والمهانة، وينصرف الناس عنهم، فلا يعودون يسمعون ألفاظ التملق وعبارات الرياء والنفاق وينالهم من الازدراء والتحقير ما هم أهل له لأنهم نسوا تلك العاقبة المحتومة فلم يعملوا لها أيام ولايتهم ولم يصغوا إلى قول القائل :
واصنع من الفعل الجميل صنائع
فإذا عزلت فإنها لا تعزل